فكانت عائشة تحب أن يدخلوا عليها بعد أن يصيروا رجالا؛ لتعلمهم أمر دينهم؛ التزاما بقوله تعالى: {واذكرن
ما يتلى عليكن في بيوتكن من آيات الله والحكمة}.
وفي هذا الموقف دلالة على حرص أم المؤمنين –رضي الله عنها- على تبليغ دين رب العالمين، وحديث رسول الله صلى الله عليه
وسلم، وما تتمتع به من ذكاء وبُعدِ نَظَرٍ
- وعلى ذلك فاختلاف أمهات المؤمنين مع أم المؤمنين عائشة ليس في إرضاع كبيرٍ أو إدخال رجال عليها بهذا الإرضاع؛ لأن هذا لم
يحدث من أم المؤمنين عائشة أصلاً .. !
ولكن كان وجه اعتراض أمهات المؤمنين هو إرضاع الصغار بقصد الدخول، سواء كان الرضاع قبل حولين أو تجاوزه بقليل.
فكان هذا القصد هو وجه الاعتراض كما في رواية صحيح مسلمٍ وغيره عن زينب بنت أمّ سلمة أنّ أمّ سلمة قالت لعائشة: إنّه يدخل
عليك الغلام الأيفع الّذي ما أحبّ أن يدخل عليّ.
فقالت عائشة: أما لك في رسول اللّه أسوة حسنة؟!
قالت: إنّ امرأة أبي حذيفة قالت يا رسول اللّه: إنّ سالماً يدخل علي وهو رجل، وفي نفس أبي حذيفة منه شيء، فقال رسول اللّه صلى
الله عليه وسلم: «أرضعيه حتّى يدخل عليك» وفي روايةٍ لمالكٍ في الموطّأ قال: «أرضعيه خمس رضعاتٍ» فكان بمنزلة ولدها من
الرّضاعة.
والغلام الأيفع: هو من لم يتجاوز الحلم ()
- مما يدل على أن احتجاج عائشة بحادثة سالم كان: "الإرضاع بقصد الدخول" ولم يكن الاحتجاج برضاعة
من بلغ من الرجال مثل سالم. انتهى
# الموقف من أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها
نقل ابن القيم رحمه الله في المسلك الثاني ما نصه:. . . وَأَمّا حَدِيثُ السّتْرِ الْمَصُونِ وَالْحُرْمَةِ الْعَظِيمَةِ وَالْحِمَى الْمَنِيعِ
فَرَضِيَ اللّهُ عَنْ أُمّ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنّهَا وَإِنْ رَأَتْ أَنّ هَذَا الرّضَاعَ يُثْبِتُ الْمَحْرَمِيّةَ فَسَائِرُ أَزْوَاجِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ
وَسَلّمَ يُخَالِفْنَهَا فِي ذَلِكَ وَلَا يَرَيْنَ دُخُولَ هَذَا السّتْرِ الْمَصُونِ وَالْحِمَى الرّفِيعِ بِهَذِهِ الرّضَاعَةِ فَهِيَ مَسْأَلَةُ اجْتِهَادٍ وَأَحَدُ الْحِزْبَيْنِ مَأْجُورٌ أَجْرًا
وَاحِدًا وَالْآخَرُ مَأْجُورٌ أَجْرَيْنِ وَأَسْعَدُهُمَا بِالْأَجْرَيْنِ مَنْ أَصَابَ حُكْمَ اللّهِ وَرَسُولِهِ فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ فَكُلّ مِنْ الْمُدْخِلِ لِلسّتْرِ الْمَصُونِ بِهَذِهِ
الرّضَاعَةِ وَالْمَانِعِ مِنْ الدّخُولِ فَائِزٌ بِالْأَجْرِ مُجْتَهِدٌ فِي مَرْضَاةِ اللّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ وَتَنْفِيذِ حُكْمِهِ وَلَهُمَا أُسْوَةٌ بِالنّبِيّيْنِ الْكَرِيمَيْنِ - دَاوُدَ
وَسُلَيْمَانَ اللّذَيْنِ أَثْنَى اللّهُ عَلَيْهِمَا بِالْحِكْمَةِ وَالْحُكْمِ وَخَصّ بِفَهْمِ الْحُكُومَةِ أَحَدَهُمَا. . . انتهى
قلت: إشارة ألى قوله تعالى: وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78)
فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آَتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ "
# اعتراف علماء الإثني عشرية بإكرام أم المؤمنين رضي الله عنها
رسائل ومقالات - الشيخ جعفر السبحاني - ص 231
الرسالة الخامسة , موقف الشيعة الإمامية من حديث الإفك , إن السيدة عائشة من زوجات النبي وأمهات
المؤمنين لها من الشرف والكرامة ما لسائر نسائه صلى الله عليه وآله وسلم غير خديجة - رضي الله عنها - فقد رأت
النور في بيتها، وعاشت معه فترة طويلة. . . انتهى
نور الأفهام في علم الكلام - السيد حسن الحسيني اللواساني - ج 2 - شرح ص 64
وإن أدب الفرقة الإمامية، وحسن مكارم الشيعة الاثني عشرية، وإكرامهم للنبي الأعظم، واحترامهم له
يقتضي السكوت عن عرضه وحرمه، وترى الكل يلهجون بلسان الحال بقولهم: فيا حميرا! سبك محرم * لأجل عين ألف عين
تكرم وأمرها إلى الله تعالى، ونعم الحكم الله، ونعم الزعيم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، ونعم الموعد القيامة.
انتهى
قال المرجع العلامة الوكيل العام للخوئي آية الله العظمى محمد حسين فضل الله في (مقابلة صحيفة (عكاظ) السعودية، الحلقة-3. 6 - 3
¥