[التوكيل في أداء العمرة عن الميت]
ـ[اسلام سلامة علي جابر]ــــــــ[19 - 11 - 09, 01:49 ص]ـ
[التوكيل في أداء العمرة عن الميت]
السؤال: شخص تعرفت عليه في مكة المكرمة أقوم بتوكيله بين فترة وأخرى لأداء فريضة العمرة عن والدتي وجدتي المتوفين، وكذلك أسأل الأصدقاء والأهل إن رغبوا بأن يتم توكيل هذا الشخص لأداء العمرة عن ذويهم الأموات. يتم دفع مبلغ 300 درهم للوكيل عن كل متوفى يقوم بأداء العمرة عنه، ودوري أنا هو الوسيط بين الوكيل وبين الأهل والأصدقاء، وأتحمل أنا دفع مصاريف الحوالة من مالي الخاص، أي ما يعادل أحياناً 20 درهم عن كل حوالة تكثر أو تقل. سؤالي هو هل ما نقوم به مكروه أم محبب؟ وهل لي أنا اجر من كوني أسهل الأمور على الأهل والأصدقاء، وكوني كذلك أبذل جهدا بالذهاب للمصرف لأقوم بالتحويل، وأدفع مصاريف الحوالة من مالي الخاص من دون أن أعلمهم بهذه المصاريف؟ أعلم بأن الأفضل أن أقوم أنا شخصيا بأداء العمرة عن أمي وجدتي، ولكن لتسهيل الأمر وزيادة عدد مرات العمرة نقوم بهذا العمل. مع العلم بأن ما أقوم به هو خالص لوجه الله تعالى، من دون ابتغاء أية عوائد مالية أو مادية. جزاكم الله كل خير.
الجواب:
الحمد لله
لا حرج في الاعتمار عن الميت، وعن الحي العاجز عن أداء العمرة بنفسه لكبر أو مرض لا يرجى برؤه، وفاعل ذلك محسن مأجور إن شاء الله.
ولا حرج في دفع مال لمن يقوم بذلك، لكن ينبغي اختيار من يُظن به الخير والصلاح ومعرفة الأحكام، على أن يقوم الوكيل بأداء ما وكل فيه بنفسه، أو يخبر موكله بأنه سيوكل شخصا آخر، لأن موكله قد يرضى بإنابته في ذلك، لثقته به، لكن لو علم أن شخصا آخر هو الذي سيقوم بالعمرة لم يقبل.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عمن وكل شخصاً ليحج عن أمه، ثم علم بعد ذلك أن هذا الشخص قد أخذ وكالات عديدة، فما الحكم حينئذ أفتونا مغفوراً لكم؟
فأجاب فضيلته بقوله: الذي ينبغي للإنسان أن يكون حازماً في تصرفه، وأن لا يكل الأمر إلا إلى شخص يطمئن إليه في دينه، بأن يكون أميناً عالماً بما يحتاج إليه في مثل ذلك العمل الذي وكل إليه، فإذا أردت أن تعطي شخصاً ليحج عن أبيك المتوفى أو أمك، فعليك أن تختار من الناس من تثق به في علمه وفي دينه؛ وذلك لأن كثيراً من الناس عندهم جهل عظيم في أحكام الحج، فلا يؤدون الحج على ما ينبغي، وإن كانوا هم في أنفسهم أمناء، لكنهم يظنون أن هذا هو الواجب عليهم، وهم يخطئون كثيراً، ومثل هؤلاء لا ينبغي أن يعطوا إنابة في الحج لقصور علمهم، ومن الناس من يكون عنده علم لكن ليس لديه أمانة فتجده لا يهتم بما يقوله أو يفعله في مناسك الحج، لضعف أمانته ودينه، ومثل هذا أيضا لا ينبغي أن يعطى، أو أن يوكل إليه أداء الحج.
فعلى من أراد أن ينيب شخصاً في الحج عنه أن يختار أفضل من يجده علماً وأمانة، حتى يؤدي ما طلب منه على الوجه الأكمل.
وهذا الرجل الذي ذكر السائل أنه أعطاه ليحج عن والدته، وسمع فيما بعد أنه أخذ حجات أخرى لغيره، ينظر: فلعل هذا الرجل أخذ هذه الحجات عن غيره، وأقام أناساً يؤدونها وقام هو بأداء الحج عن الذي استنابه، ولكن هل يجوز للإنسان أن يفعل هذا الفعل؟ أي هل يجوز للإنسان أن يتوكل عن أشخاص متعددين في الحج، أو في العمرة، ثم لا يباشر هو بنفسه ذلك، بل يكلها إلى ناس آخرين؟
فنقول في الجواب: إن ذلك لا يجوز ولا يحل، وهو من أكل المال بالباطل، فإن كثيراً من الناس يتاجرون في هذا الأمر، تجدهم يأخذون عدة حجج، وعدة عمر، على أنهم هم الذين سيقومون بها، ولكنه يكلها إلى فلان وفلان من الناس بأقل مما أخذ هو، فيكسب أموالاً بالباطل، ويعطي أشخاصا قد لا يرضونهم من أعطوه هذه الحجج أو العمر، فعلى المرء أن يتقي الله عز وجل في إخوانه وفي نفسه، لأنه إذا أخذ مثل هذا المال فقد أخذه بغير حق، ولأنه إذا اؤتمن من قبل إخوانه على أنه هو الذي يؤدي الحج أو العمرة فإنه لا يجوز له أن يكل ذلك إلى غيره، لأن هذا الغير قد لا يرضاه من أعطاه هذه الحجج أو هذه العمر " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (21/ 154).
وما تقوم به من التوسط بين النائب والمعتمَر عنه، وما تبذله من مالك في الحوالة، كل ذلك من الأعمال الصالحة التي يرجى لك فيها الأجر والثواب إن شاء الله، لأن الدال على الخير كفاعله.
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب