تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعلق البخاري في «صحيحه» ([3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn3)) عن ابن عمر أنه قال عن الأضحية: سنة ومعروف.

ولا يعلم لهؤلاء الصحابة مخالف، بل الذي ثبت عنهم أنها سنة.

وقد روي عن أبي هريرة مرفوعا وموقوفا ما يفيد الوجوب.

أخرج الإمام أحمد (2/ 321) وابن ماجه (3123) وغيرهما من حديث عبدالله بن عياش عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله r قال: «من كان له سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا».

هذا الإسناد فيه عبدالله بن عياش وفيه ضعف, وقد اختلف في رفعه ووقفه.

قال ابن الجوزي في «التحقيق» - كما في «التنقيح» (3/ 566) -: (قال أحمد: هو حديثٌ منكرٌ. وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: قد روي موقوفًا، والموقوف أصحُّ) ا. هـ.

وقال ابن عبدالهادي في «التنقيح» (3/ 563): (وقد رواه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن زيد بن الحبُاب عن عبد الله بن عيَّاش، وكذلك رواه حَيْوة بن شُريح وغيره عن عبد الله بن عيَّاش.

ورواه ابن وهبٍ عن عبد الله بن عيَّاش عن الأعرج عن أبي هريرة موقوفًا، وكذلك رواه جعفر بن ربيعة وعبيد الله بن أبي جعفر عن الأعرج عن أبي هريرة موقوفًا، وهو أشبه بالصَّواب) ا. هـ.

قلت: رواية عبدالله بن أبي جعفر لا يصح إسنادها إليها, ورواية جعفر بن ربيعة لم أقف على إسنادها.

والخلاصة أن كبار الصحابة رضي الله عنهم لم يثبت عن أحدمنهم إيجاب الأضحية، فدل هذا على أنها سنة وليست بواجبة.

الأضحية عنه وعن أهل بيته:

روى الإمام مالك في «الموطأ» (2/ 486) والترمذي في «جامعه» (1505) – واللفظ له - من حديث عطاء بن يسار قال: سألت أبا أيوب الأنصاري: كيف كانت الضحايا على عهد رسول الله r؟ فقال: كان الرجل يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته، فيأكلون ويطعمون، حتى تباهى الناس فصارت كما ترى.

وقال الترمذي: (حسن صحيح). وأنا أذهب إلى ما ذهب إليه الترمذي.

فالسنة في ذلك أن أهل البيت الواحد تكفيهم أضحية واحدة، ولو أرادوا أن يزيدوا فهذا أفضل وأحسن، وسبق في حديث أنس أن r ضحى بكبشين.

وإذا تيسر للإنسان أن يذبح خارج بلده بالإضافة إلى ذبحه في بلده فهذا حسن جدا.

ولا يخفى ما تمر به بعض بلاد المسلمين من حاجة شديدة وفقر مدقع، فعلى المسلم أن لا ينسى إخوانه من مساعدتهم بما ييسره الله له؛ فإن في هذا الأجر العظيم عند الله سبحانه وتعالى.

ما يجب على من أراد أن يضحي:

روى مسلم في «صحيحه» (1977) عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة أن النبي r قال: «إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئا».

فدل هذا الحديث على أنه لا يجوز لمن أراد أن يضحي الأخذ من هذه الأشياء الثلاثة - الشعر والأظفار والبشرة – حتى يذبح أضحيته.

والمقصود بالبشرة: اللحم اليابس، الذي قد يكون في نهاية الأظافر، أو في أسفل القدم.

وذهب الإمام أحمد إلى وجوب الامتناع من هذه الأمور, كما هو ظاهر حديث أم سلمة، وذهب الجمهور إلى الكراهية فقط.

والقول الأول هو الأرجح، بدليل أن الرسول r قد نهى عن ذلك، والأصل في النهي التحريم.

والإنسان الذي يريد أن يضحي هو الذي يجب عليه الامتناع، وأما إذا أشرك أهل بيته معه فلا يلزمهم الامتناع.

وكذلك لو وَكَّل غيره في التضحية عنه، فالوكيل لا يلزمه عدم الأخذ من هذه الأشياء؛ لأنه وكيل، وأما الإنسان الذي وَكَّل فهو الذي يجب عليه الامتناع.

ولمن أراد أن يضحي أن يمتشط وأن يمس الطيب, وإنما يمنع من هذه الأشياء الثلاثة فقط.

ومما يدل على أن الامتشاط ليس بممنوع منه من أراد أن يضحي: ما رواه البخاري في «صحيحه» (310) من حديث عروة أن النبي r قال لعائشة - وهي محرمة -: «انقضي رأسك وامتشطي».

والإحرام أشد ممن أراد أن يضحي، والمحرم تحرم عليه هذه الأشياء أشد من الإنسان الذي يريد أن يضحي، ومع ذلك قال: «انقضي رأسك وامتشطي».

وقت ذبح الأضحية:

كان النبي r أول ما يبدأ به يوم العيد بعد الصلاة النحر؛ ففي «الصحيحين» (البخاري/922، مسلم/1961) من طريق الشعبي عن البراء قال: قال النبي r: « إن أول ما نبدأ في يومنا هذا: أن نصلي، ثم نرجع فننحر، فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا، ومن نحر قبل الصلاة فإنما هو لحم قدمه لأهله، ليس من النسك في شيء»).

انتهى من كتاب الشيخ: (عشر ذي الحجة وشيء من فضائلها وأحكامها وآدابها ص:29 - 37)


([1]) وأما ما جاء في حديث جندب بن سفيان، وحديث البراء بن عازب، وحديث أنس – وكلها في «الصحيحين» - فهو مقيد بمن ذبح قبل الصلاة, ولذا جاء في حديث جندب: «من ذبح قبل الصلاة فليذبح شاة مكانها, ومن لم يكن ذبح فليذبح على اسم الله».
([2]) في عدم دلالة تعليق الأمر بالإرادة على وجوب العبادة كلام لأهل العلم, فهو ليس على إطلاقه, فالإرادة أحيانا لا تنافي الوجوب، كما في قوله r عندما وقت المواقيت، قال: «هن لهن ولمن أتى عليهن ممن أراد الحج والعمرة»، ولا شك أن الحج واجب، والراجح في العمرة أنها واجبة أيضا, ولكن الإرادة في الغالب تدل على عدم الوجوب، والأدلة الأخرى في هذه المسألة كافية, والله تعالى أعلم.

([3]) في كتاب الأضاحي, باب سنة الأضحية (5/ 2109).
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير