ثم يلزم على ما قلت أن يختلف حذاء الناس القادمين من مصر مثلاً للميقات باختلاف جهات ورودهم إلى جدة اختلافاً لا ينضبط وانظر الخط الذي جعلته خارجاً من الجحفة متعامداً مع القادم من الغرب الشمالي، ماذا لو كانت سفينة أخرى (سفينة 2) تسير معها موازية لها إلى الغرب منها ببضعة كيلومترات متعامدة مع الخط القادم من الجحفة فنقطة حذائها أبعد من السفينة الأولى التي رسمتَ مسارها، فإذا كانت قد انطلقت من الميناء سفينة ثالثة وأخذت أثناء حركتها زاوية مغايرة قليلاً كانت نقطة حذائها كما في (الشكل 1 في الرد التالي) نقطة أخرى، فإذا فرضت أن السفينة 2 بعد أن تجازت نقطة حذائها على تعريفك للحذاء، ثم أخذت مسار السفينة 3 فستمر بها نقطة حذاء أخرى، وتأمل الشكل 1 الذي أرفقه إن شاء الله لك في الرد التالي لهذا.
هذا ولا أعلم ظاهر كلام أحد من الفقهاء يشترط هذا الشرط أعني أن يكون الميقات يمين المار أو يساره بزاوية 90 درجة ولو قال به بعضهم للزمه التعليل أو الدليل ليكون حجة وإلاّ فهو تحكم في معنا الحذو والحذاء.
ويدلك على أن هذا الشرط محدث المأخذ الثاني أنه لا ينطبق مع ظاهر كلام (بعض الحنابلة) الذي صغته في الرابط أعلاه بقولك: "وأما الحنابلة فقد أجازوا للقادم من سواكن دون غيره أن يحرم من جدة وعللوا ذلك بأنه يصل إلى جدة قبل أن يحاذي يلملم والجحفة ولا يكون الكلام صحيحا متجها إلا على القول الثالث" فهذا الكلام فيه لبس ظاهر؛ وذلك أن القادم لميناء جدة من جهة الغرب لابد أن يحاذي ميقاتاً على ما عرَّفتَ به المحاذاة في القول الثالث؛ وبيان ذلك:
من أتى من الغرب الشمالي (بالنسبة للميناء): فسوف يحاذي ميقات الجدة في البحر على ما صورت القادم من مصر تقريباً (انظر الصورة الأخيرة التي علقتها أنت)، وستقترب نقطة المحاذاة من ساحل جدة كلما كان مقدمه من جهة أقرب للجنوب (لكنه شمال جدة) حتى إذا قدم من نقطة تحاذي ميناء جدة من جهة الغرب على استقامة معها واحدة كان حذاؤه على القول الثالث حسبما أفهمته داخل مدينة جدة على بعد بضعة كلمترات من الساحل.
أما من قدم من الغرب الجنوبي كأهل سواكن الذين نص (بعض) الحنابلة على عدم حذائهم ميقاتاً فعلى تعريفك لايستقيم قول هؤلاء بل لابد أن يحاذوا ميقات يلملم كأهل مصر مع الجحفة (وميناء جدة ليلملم أقرب منه إلى الجحفة)، فصل خطا من سواكن إلى جدة ثم قاطعه بخط يتعامد معه يكون رأسه يلملم تقع نقطع الحذاء على قولك قبل الشاطئ أو بعيده بحسب ما تعتبر به موضع يلملم (ففي موضع يلملم كما تعلم هل هو الوادي (نحو 100 كم! أو أكثر) أم الجبل وهل جبل واحد أم جبلان وأي جبل منهما المقصود إلخ في هذا كلام يعرفه المعنييون).
وانظر (الشكل 2 في الرد التالي لهذا إن شاء الله) ليتضح المراد أكثر.
فتبين بهذا أن ما وضحت به القول الثالث لا ينسجم مع ما ذكره الحنابلة إذ لابد في ما ذكرته من محاذاة وكلامهم عند عدم حصولها، بل ما شرحت به القول الثالث أشد بعداً من قول الشيخ عدنان عرور حفظه الله -على بعده- وذلك لأن قول الشيخ عدنان يمكن أن ينسجم مع ما ذكره بعض الحنابلة وهو قول للشافعية مشهور بإمكان عدم الحذاء .. ومع ذلك عده أحد أعظم الناس انتصاراً للحنابلة -أعني العلامة إبراهيم الصبيحي- قولا مخالفاً لقول العلماء.
وبيان احتمال انسجام قول الشيخ عدنان مع قول بعض الحنابلة وما هو مشهور عند الشافعية -ولا يظهر لي صحة هذا الاحتمال لكنه احتمال غير متعين بخلاف شرحكم فهو غير محتمل أصلاً- بيانه أن الخط الواصل بين الجحفة ويلملم لو رسمته بدقة من طرف الوادي عند مسجد الميقات الحالي تقريباً إلى ميقات الجحفة القديم يكاد يمس طرف الحرم الغربي (يبعد عنه بنحو 3 كم).
انظر الشكل رقم 3 وفيه ثلاث رسمات:
(أ) صورة لوادي يلملم مقربة يظهر في ركنها الجنوبي الغربي أثر الطريق من ميقات السعدية إلى مكة.
(ب) صورة تبين محل مرور الخط الواصل من مسجد ميقات السعدية إلى الجحفة عند منطقة الحرم، وخطاً آخر من نقطة أقرب للطرف الغربي لوادي يلملم إلى الجحفة وثالثة من منطقة جبال يجتمع عندها معظم وادي يلملم، وهي تمر بجزء من وادي يلملم.
(ج) صورة مكبرة تبين لك دقة الرسم في تحديد موضع السعدية (توضح مسجد الميقات).
(د) صورة مكبرة لمحل تلك الخطوط الثلاثة من الحرم.
¥