تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والثاني يقع شمالاً عنه بحدود عشرة كيلو مترات في بلاد هذيل، ثم ينزل هذا الوادي، ثم يجتمع هذان الواديان في وادٍ واحد، فيمر في يلملم التي كانت ميقاتًا عصورًا طويلة، ثم تقريبًا بحدود الأربع مائة والألف هجرية خرج طريق الساحل مما يلي الليث والشعيبة تقريبًا، وكان قريبًا من الساحل، فنُقِل الميقات أو انتقل الناس وبدؤوا يُحرِمون من مسجدٍ أقيم على هذا الطريق في أسفل هذا الوادي. الوادي هذا ينطلق تقريبًا من الشمال الشرقي ويتجه إلى الجنوب الغربي بهذا الشكل، ولهذا حتى الذين نقلوا الميقات من موقعه الأول إلى موقعه الجديد على الطريق الساحلي نظروا إلى الوادي، فإنك لو تأملت الميقات الجديد وجدته أبعد من الميقات القديم، فلو كان في المحاذاة لوضعوه في موضعٍ تكون المسافة واحدة، لكنهم نظروا إلى الوادي، فالوادي ينزل حتى يقطع الطريق الجديد طريق الساحل، فجعلوا الميقات على تقاطع طريق الساحل مع هذا الوادي. وهذا الوادي ممتد؛ كأن النبي النبي - صلى الله عليه وسلم - جعله ميقاتًا لكل مَن أتى من أهل اليمن عن طريق تهامة؛ إن أتى من أسفل فهو من طريق الساحل الآن، أو من أعلى فمن الذي كان الناس يحرمون منه سابقًا، ومن أتى من أعلى فإنه يحرم من أصول هذا الوادي ومن أعاليه. فهذا الوادي الذي هو يلملم لا شك أنه أقرب المواقيت إلى جدة، فإذا نظرنا إلى أعالي هذا الوادي - كما قلت لكم - أعلى هذا الوادي واديان؛ أحدهما قريب من منطقة الشفا بالطائف، وهذه المنطقة التي هي طرف الوادي من هنا، بينها وبين مكة بحدود ستين كيلو متر (60 كم)، وإذا أتينا إلى الفرع الشمالي منه الذي في بلاد هذيل، فإن المسافة بينه وبين الحرم لا تزيد على خمسين كيلو متر (50 كم)، فأهل العلم الذين قالوا بأن جدة ميقات، وأنها محاذية ليلملم، نظروا إلى أقرب نقطة من يلملم وقاسوا المسافة بينها وبين الحرم، ثم نظروا إلى المسافة بين جدة وبين الحرم، فوجدُوا أن المسافتين متساويتان؛ بل إن أوسط جدة وغرب جدة أبعد من أصول و أعالي وادي يلملم عن الحرم، وبناء على ذلك قالوا إنها تُعَدُّ محاذية ليلملم، وبالتالي فإنها ميقات من المواقيت. إذا قلنا إنها ميقات من المواقيت، وهذا القول هو الذي يظهر لي - والعلم عند الله سبحانه وتعالى - أنها ميقات فرعي؛ لمحاذاتها لوادي يلملم في أعاليه. فننتقل إلى مسألتين هما آخر المسألة.

* المسألة الأولى هي: إذا قلنا إن جدة ميقات فرعي، فالذي يأتي من جهة البحر مثلاً من السودان أو من مصر أو نحو ذلك، يأتي إلى جدة، هذا لا إشكال فيه؛ لأن هذا الميقات هو أول ميقات يصل إليه، فحينئذ يُحرِم منه، ولا خلاف بين مَن يقول هذا القول في أنه قد أحرم من الميقات، وأنه ليس عليه شيء أمام الله - سبحانه وتعالى - وأنه أحرم من الميقات الفرعي المقيس على الميقات الذي وقَّته رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكن الإشكال هو في أمثالنا مثلاً، من يأتي مثلاً من القصيم أو من الرياض أو من الشام أو من اليمن، فيأتي عن طريق الطائرة مثلاً أو عن طريق السيارة، فيتجاوز قرن المنازل ويذهب إلى جدة، أو يتجاوز ذا الحليفة أو يتجاوز الجحفة ويذهب إلى جدة، ويقول لن أحرِم إلا من جدة، فما حكم هذا؟ أهل العلم يبحثون هذه المسألة في مسألة حُكْم تجاوز الميقات إلى ميقات آخر. يعني افترض أنك أنت مِن أهل المدينة، وأردت أن تعتمر، وقلت لن أحرم من ذي الحليفة ميقات أهل المدينة، وسأذهب إلى الجحفة فتعتمر من هناك، ما حكم هذا عند أهل العلم؟ المسألة فيها قولان عند أهل العلم: أكثر أهل العلم يقولون لا يجوز أن يتجاوز الإنسان ميقاتًا إلى ميقاتٍ آخر. وهذا يقول به كثير من أهل العلم، وعلى هذا مَن يذهب مِن هنا على الطائرة لا يجوز له أن يحرم من جدة؛ بل يجب عليه أن يحرم إذا حاذى السيل، أو حاذى ذا الحليفة، أو حاذى الجحفة، ولا يجوز له أن يتجاوز ذلك إلى الميقات الآخر وهو جدة، هذا هو القول الأول. واستدلوا لذلك بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - عن هذه المواقيت: ((هن لهن، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن))، فإن من يأتي على أي ميقات من المواقيت، سواء كان من أهله أو من غير أهله، فإنه لا يجوز له أن يتجاوز إلا بإحرام.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير