يقول النووي رحمه الله في شرحه على صحيح مسلم 12/ 120: "ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: "أنا النبي لا كذب" أي: أنا النبي حقاً فلا أفر، ولا أزول، وفي هذا دليل على جواز قول الإنسان في الحرب: أنا فلان، وأنا ابن فلان، ومثله قول سلمة: أنا ابن الأكوع، وقول علي رضي الله عنه: أنا الذي سمتني أمي حيدره، وأشباه ذلك، وقد صرح بجوازه علماء السلف، وفيه حديث صحيح، قالوا: وإنما يكره قول ذلك على وجه الافتخار كفعل الجاهلية والله أعلم" انتهى كلامه.
الوجه الثالث: أن هذا الكلام منه صلى الله عليه وسلم خرج منه مخرج التحدث بنعمة اله تعالى، ولا مدخل فيه للفخر، وقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يتحدث بنعمته عليه، فقال: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) (الضحى:11).
قال النووي في شرحه على صحيح مسلم 15/ 37 [وينظر: 15/ 121]: (وقوله صلى الله عليه وسلم: "أنا سيد ولد آدم" لم يقله فخراً، بل صرح بنفي الفخر في غير مسلم، في الحديث المشهور: "أنا سيد ولد آدم ولا فخر"، وإنما قاله لوجهين: أحدهما: امتثال قوله تعالى: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)، والثاني: ... ) سيأتي ذكره قريباً في موضعه.
وقال العلامة ابن القيم في تحفة المودود (126) – في جوابه عن حديث عبد الله بن الشخير الذي قال فيه -: انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: أنت سيدنا، فقال: "السيد الله! " قلنا: وأفضلنا فضلاً وأعظمنا طولاً، فقال: "قولوا بقولكم أو ببعض قولكم ولا يستجرينكم الشيطان"، ولا ينافي هذا قوله: "أنا سيد ولد آدم" فإن هذا إخبار منه عما أعطاه الله من سيادة النوع الإنساني، وفضله وشرفه عليهم" انتهى.
الوجه الرابع: ما ذكره النووي في الوجه الثاني في جوابه الآنف الذكر عن حديث "أنا سيد ولد آدم ولا فخر"، وهو: "أنه من البيان الذي يجب عليه تبليغه إلى أمته؛ ليعرفوه ويعتقدوه، ويعملوا بمقتضاه، ويوقروه صلى الله عليه وسلم بما تقتضي مرتبته كما أمرهم الله تعالى) ".
وقال ابن القيم في المدارج 3/ 86: "وتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا سيد ولد آدم، ولا فخر! "، فكيف أخبر بفضل الله ومنته عليه! وأخبر أن ذلك لم يصدر منه افتخاراً به على من دونه، ولكن إظهاراً لنعمة الله عليه وإعلاماً للأمة بقدر إمامهم ومتبوعهم عند الله، وعلو منزلته لديه؛ لتعرف الأمة نعمة الله عليه وعليهم، ويشبه هذا قول يوسف الصديق للعزيز: (اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) (يوسف: من الآية55)، فإخباره عن نفسه بذلك؛ لما كان متضمناً لمصلحة تعود على العزيز، وعلى الأمة، وعلى نفسه كان حسناً، إذ لم يقصد به الفخر عليهم، فمصدر الكلمة، والحامل عليها يحسنها ويهجنها، وصورته واحدة" انتهى.
وقال ابن عبد البر – في التمهيد (20/ 39) مقرراً جواز مدح الرجل لنفسه، ونفيه عن نفسه ما يعيبه بالحق الذي هو فيه، إذا دفعت إلى ذلك ضرورة، أو معنى يوجب ذلك – قال رحمه الله: "ومثل هذا كثير في السنن، وعن علماء السلف لا ينكر ذلك إلا من لا علم له بآثار من مضى"، وينظر: تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة: (116)، والله أعلم.
ـ[محمد مبروك عبدالله]ــــــــ[21 - 11 - 09, 09:49 م]ـ
هل الحديث عن الفراعنة وكيف علوا في البنيان وفاقوا الأمم علما وفنا وبناء وتشييدا هل في ذلك مخالفة؟
مع التأكيد على أنهم ضلوا في مراحل تاريخية منها مرحلةفرعون موسى عليه السلام.
"وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ "
قال تعالى: كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة أولئك الأحزاب إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب" سورة ص"
قال القرطبي في تفسير الآية:
ووصف فرعون بأنه ذو الأوتاد. وقد اختلف في تأويل ذلك، فقال ابن عباس: المعنى ذو البناء المحكم. وقال الضحاك: كان كثير البنيان، والبنيان يسمى أوتادا. وعن ابن عباس أيضا وقتادة وعطاء: أنه كانت له أوتاد وأرسان وملاعب يلعب له عليها. وعن الضحاك أيضا: ذو القوة والبطش. وقال الكلبي ومقاتل: كان يعذب الناس بالأوتاد، وكان إذا غضب على أحد مده مستلقيا بين أربعة أوتاد في الأرض، ويرسل عليه العقارب والحيات حتى يموت. وقيل: كان يشبح المعذب بين أربع سوار، كل طرف من أطرافه إلى سارية مضروب فيه وتد من حديد ويتركه حتى يموت. وقيل: ذو الأوتاد أي: ذو الجنود الكثيرة، فسميت الجنود أوتادا ; لأنهم يقوون أمره كما يقوي الوتد البيت. وقال ابن قتيبة: العرب تقول: هم في عز ثابت الأوتاد، يريدون دائما شديدا. وأصل هذا أن البيت من بيوت الشعر إنما يثبت ويقوم بالأوتاد. وقال الأسود بن يعفر:
ولقد غنوا فيها بأنعم عيشة في ظل ملك ثابت الأوتاد
وواحد الأوتاد وتد بالكسر، وبالفتح لغة. وقال الأصمعي: يقال وتد واتد كما يقال: شغل شاغل. وأنشد [للشاعر أبي محمد الفقعسي]:
لاقت على الماء جذيلا واتدا ولم يكن يخلفها المواعدا" انتهى
.................
لا ينبغي لنا أن ندعو بدعوى الفرعونية بأن نقول أن أجددانا فراعنة وعلينا أن نحيي عاداتهم وتقاليدهم وأعرافهم فهذه دعوى مخالفة للإسلام وضرورة الاعتزاز والفخر بهذه النعمة.
الإسلام يجب أن يكون لحمنا ودماءنا التي تجري في عروقنا ....
سُئِل سيدنا سلمان الفارسي " من أبوك " .... فقال " أبي الإسلام لا أب لي سواه " .... فسمعه سيدنا عمر بن الخطاب فقال " وأنا أخو سلمان " ..... هكذا كان الإنتماء للدين بالنسبة لهم.
و يقول (عمر بن الخطاب) رضي الله عنه:" نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزة في غير الإسلام أذلنا الله "
¥