[حكم السحر وإتيان السحرة وحل السحر بالسحر للشيخ سمير المالكي]
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[23 - 11 - 09, 08:19 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
التبصرة في حكم السحر وإتيان السحرة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وحجة على المخالفين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا بحث مختصر في حكم السحر، ابتدأته بالتعريف به وبيان بعض أنواعه، ثم ذكرت مذاهب العلماء في حكمه وحكم الساحر، وفي النشرة.
ورددت في آخره على رسالة الشيخ العبيكان التي أجاز فيها حل السحر بالسحر.
فأقول، وبالله التوفيق:
تعريف السحر
قال ابن منظور " السحر عمل تقرب فيه إلى الشيطان وبمعونة منه. و السحر الأُخْذة. وكل ما لطف مأخذه ودق فهو سحر.
والسحر: البيان في فطنة، كما جاء في الحديث: إن من البيان لسحراً.
قال ابن الأثير: أي منه ما يصرف قلوب السامعين وإن كان غير حق.
قال الزهري: وأصل السحر صرف الشيء عن حقيقته إلى غيره ... " ا هـ. باختصار من لسان العرب [سحر] [4/ 348 – 349].
وقال أبوبكر الجصاص في أحكام القرآن في معنى السحر " إن أهل اللغة يذكرون أن أصله في اللغة لما لطف وخفي سببه، والسَّحر عندهم بالفتح هو الغذاء، لخفائه ولطف مجاريه.
والسحر الرئة، وما يتعلق بالحلقوم، وهذا يرجع إلى معنى الخفاء، ومنه قول عائشة رضي الله عنها: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سحري ونحري ... " اهـ. باختصار [1/ 50].
وذكر الشنقيطي في أضواء البيان نحو هذا المعنى في لغة العرب، ثم قال " اعلم أن السحر في الاصطلاح لا يمكن حده بحد جامع مانع، لكثرة الأنواع المختلفة الداخلة تحته، ومن هنا اختلفت عبارات العلماء في حده اختلافاً متبايناً .. " الخ ما ذكره. [4/ 444].
أقسام السحر
أطال الرازي في تفسيره في بيان أقسام السحر، وقد لخصها ابن كثير والشنقيطي في أضواء البيان، ومنها:
1 - سحر الكلدانيين الذين كانوا يعبدون الكواكب. قال الشنقيطي: ومعلوم أن هذا النوع من السحر كفر بلا خلاف، لأنهم كانوا يتقربون فيه للكواكب.
2 – الاستعانة بالجن وتسخيرهم، باستعمال الرقى وغيرها، وهو المسمى: بالعزائم.
3 – ومنه الحيل التي يستعملها بعض الناس، فيوهم الآخرين بها، كاستعمال آلات معينة أو أشياء خفية تخيل للناظر أن الجمادات تتحرك بنفسها.
وهذا سحر التخييل والخداع، ومنه سحر سحرة فرعون.
4 – استعمال بعض الأدوية المؤثرة في عقول الناس، إما بإزالتها أو بإسكارها، حتى إذا غلبوا على عقولهم سهل الاحتيال عليهم.
5 – ومنه أعمال عجيبة تظهر من تركيب الآلات المركبة على النسب الهندسية ... الخ.
قال الشنقيطي " لا ينبغي عده اليوم من أنواع السحر، لأن أسبابه صارت واضحة متعارفة عند الناس بسبب تقدم العلم المادي ... " الخ [ص 450].
قال سمير: يظهر لي أن إدخال مثل هذه العلوم في السحر ليس لكونها من الأمور التي لم تعرف أسبابها من قبل، ثم عرفت اليوم، بل لكونها أشبه بالخوارق، وفيها أسباب خفية عن الأعين، مثل الساعات والآلات البخارية ونحوها، وقد كانت معروفة عند علماء ذاك الزمان، ولم يكن يخفى عليهم حقيقتها، وهذا ما يدل عليه كلام ابن كثير وغيره.
وابن تيمية تكلم عن علوم الفلاسفة، وذكر منها الهندسة والرياضيات وشرحها شرحاً وافياً في مواضع كثيرة من كتبه، وبيّن حذق الأولين بها.
فإدخالها في باب السحر، كإدخال البيان المرتب والسجع ونحو ذلك في باب السحر للطافتها، والله تعالى أعلم.
يدل على ذلك إدخال النميمة في أنواع السحر، وهي معروفة لدى عامة الناس.
قال الشنقيطي بعد أن ساق تلك الأنواع والأقسام " قلت: وإنما أدخل كثيراً من هذه الأنواع المذكورة في فن السحر للطافة مداركها، لأن السحر في اللغة عبارة عما لطف وخفي سببه، ولهذا جاء في الحديث ((إن من البيان لسحراً ... )) الخ [ص 451].
وزاد الشنقيطي على تلك الأنواع التي ذكرها الرازي، أنواعاً أخرى نقلها من كلام ابن الحاج الشنقيطي، ثم قال " وذكر رحمه الله من علوم الشر أنواعاً كثيرة، كالخط والأشكال ... " إلى أن قال " والكهانة ".
¥