تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد أطال ابن حزم – رحمه الله – في تقرير هذا القول , و أجاب عن أدلة المذهب الأول , وفنَّدها.

وأقوى ما استدل به ابن حزم على أن السحر ليس كفراً , حديث ((اجتنبوا السبع الموبقات)) وذكر منها: الشرك والسحر.

قال ابن حزم ((فكان هذا بياناً جلياً بأن السحر ليس من الشرك , ولكنه معصية موبقة , كقتل النفس و شبهها)).

واستدل أيضاً بحديث " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بثلاث .. " الحديث. ثم قال ((فالساحر ليس كافراً كما بينَّا , ولا قاتلاً , ولا زانياً محصناً , ولا جاء في قتله نص صحيح فيضاف إلى هذه الثلاث , كما جاء في المحارب و المحدود في الخمر ثلاث مرات , فصح تحريم دمه بيقين لا إشكال فيه)). انظر المحلى [11/ 394 - 401].

قال سمير: ما ذكره ابن حزم و أطال في تقريره من أن الساحر لا يقتل , وأن السحر معصية موبقة ليس كفراً , قد ذكره بعض أئمة السلف. لكن ابن حزم لم يصب في جوابه عن الآثار الواردة عن عمر بن الخطاب وغيره من الصحابة , ولا في جوابه عن الآية , لأنها صريحة في تكفير السحر , كما تقدم من كلام ابن كثير و غيره.

وفي مقابل ما ذكره ابن حزم، ذكر أبو بكر الجصاص في أحكام القرآن [1/ 61 – 71] الخلاف في المسألة، واختار قول الجمهور في تكفير الساحر، ونقل كلام الشافعي ثم قال " وقول الشافعي في ذلك خارج عن قول جميعهم ... " ا هـ.

كلام الفقهاء في المسألة

1 – قال الإمام الشافعي رحمه الله " وإذا سحر رجلاً فمات، سئل عن سحره، فإن قال: أنا أعمل هذا لأقتل، فأخطئ القتل وأصيب، وقد مات من عملي، ففيه الدية، وإن قال: مرض منه ولم يمت، أقسم أولياؤه لمات من ذلك العمل، وكانت الدية. وإن قال: عملي يقتل المعمول به، وقد عمدت قتله به، قتل به قوداً " اهـ. انظر مختصر المزني [ص 255].

وانظر نحو ذلك في روضة الطالبين للنووي [9/ 127].

2 – وقال الترمذي في باب ما جاء في حد الساحر بعد أن أخرج حديث ((حد الساحر ضربه بالسيف)) " والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، وهو قول مالك بن أنس.

وقال الشافعي: إنما يُقتل الساحر إذا كان يعمل في سحره ما يبلغ به الكفر، فإذا عمل عملاً دون الكفر، فلم نر عليه قتلاً " اهـ.

3 – وقال في فتح القدير [5/ 119] " الساحرة تقتل بردتها، وإن كانت المرتدة لا تقتل عندنا، لكن الساحرة تقتل بالأثر، وهو ما روي عن عمر أنه كتب إلى عماله " اقتلوا الساحر والساحرة ". زاد في فتاوى قاضيخان: وإن كان يستعمل السحر ويجحد ولا يدري كيف يقول، فإن هذا الساحر يُقتل، إذا أُخِذَ وثبت ذلك منه، ولا تقبل توبته.

وفي الفتاوى: رجل يتخذ لعبة للناس ويفرق بين المرء وزوجه بتلك اللعبة، فهذا سحر، ويُحكم بارتداده ويُقتل.

قال في الخلاصة: هكذا ذكره القاضي مطلقاً، وهو محمول على ما إذا كان يعتقد أن له أثراً. انتهى " ا هـ.

4 – وقال خليل في مختصره " الردة كفر المسلم بصريح، أو لفظ يقتضيه، أو فعل يتضمنه، كإلقاء مصحف بقذر، وشد زُنَّار، وسحر، و .... " الخ.

قال في مواهب الجليل " ظاهر كلامه أن السحر ردة، وأنه يستتاب الساحر إذا أظهر ذلك، فإن تاب وإلا قتل.

والقول الراجح فيه: أن حكمه حكم الزنديق، يُقتل ولا تقبل توبته إلا أن يجيء تائباً بنفسه. انظر ابن الحاجب والتوضيح ".

قال الموّاق " قول مالك وأصحابه: أن الساحر كافر بالله تعالى. قال مالك: هو كالزنديق إذا عمل السحر بنفسه قتل ولم يستتب ".

انظر مواهب الجليل وبهامشه التاج والإكليل [8/ 371].

5 – قال ابن قدامة " ويكفر الساحر بتعلمه وفعله، سواء اعتقد تحريمه أو إباحته. وروي عن أحمد ما يدل على أنه لا يكفر .. " إلى أن قال " وقال أصحاب أبي حنيفة: إن اعتقد أن الشياطين تفعل له ما يشاء، كفر، وإن اعتقد أنه تخييل لم يكفر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير