تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

8 – قال الإمام أبو بكرابن العربي في تفسيره لآية البقرة، بعد أن ذكر بعض أنواع السحر " والكلُّ حرام كفر. قاله مالك. وقال الشافعي: السحر معصية، إن قتل بها الساحر قُتل، وإن أضرّ بها أدِّب على قدر الضرر.

وهذا باطل من وجهين: أحدهما: أنه لم يعلم السحر، وحقيقته أنه كلام مؤلف يُعظّم به غير الله تعالى، وتنسب إليه فيه المقادير والكائنات.

الثاني: أن الله سبحانه قد صرح في كتابه بأنه كفر، لأنه تعالى قال {واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان} من السحر وما كفر سليمان بقول السحر، ولكن الشياطين كفروا به وبتعليمه، وهاروت وماروت يقولان: إنما نحن فتنة فلا تكفر، وهذا تأكيد للبيان ".

إلى أن قال " قوله تعالى {ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم}، هم يعتقدون أنه نفع لما يتعجلون به من بلوغ الغرض، وحقيقته مضرة، لما فيه من عظيم سوء العاقبة.

وحقيقة الضرر عند أهل السنة: كل ألم لا نفع يوازيه، وحقيقة النفع: كل لذة لا يتعقبها عقاب، ولا تلحق فيه ندامة.

والضرر وعدم المنفعة في السحر متحقق " ا هـ.

9 – قال شيخ الإسلام ابن تيمية " وقد علم أنه محرّم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة، بل أكثر العلماء على أن الساحر كافر يجب قتله.

وقد ثبت قتل الساحر عن عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان وحفصة بنت عمر وعبدالله بن عمر و جندب بن عبدالله، وروي ذلك مرفوعاً عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد قال الله تعالى {واتبعوا ما تتلو الشياطين .. } الآيات.

فبين سبحانه أن طلاب السحر يعلمون أن صاحبه ماله في الآخرة من خلاق: أي من نصيب، ولكن يطلبون به الدنيا، من الرئاسة والمال .. ".

انظر مجموع الفتاوى [29/ 384]، وانظر نحوه في [28/ 346].

قال سمير: قد رأيت مما تقدم نقله عن أولئك الأئمة، واختلافهم في حكم السحر وحد الساحر، أن أدلة من ذهب إلى كفر السحر وقتل الساحر، وهو قول الجمهور، أقوى وأظهر من القول الآخر.

وظاهر الآيات تدل على قول الجمهور.

وكذا النصوص من السنة، ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم " من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد " رواه أحمد [2/ 429] والحاكم [1/ 8].

وابن كثير استدل بهذا الحديث على حكم السحر، مع أنه ذكر فيه الكاهن والعراف، لأن السحر ضرب من الكهانة.

يؤيد ذلك أثر ابن مسعود ((من أتى عرافاً أو ساحراً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد)). رواه أبو يعلى [9/ 5408]، وقال ابن كثير: إسناده جيد. وجود الحافظ ابن حجر إسناده، وقال " ومثله لا يقال بالرأي " انظر الفتح [10/ 217]، أي له حكم الرفع. وفي صحيح مسلم [ح 2230] عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من أتى عرافاً فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوماً ".

قال ابن الأثير ((العراف كالكاهن، وقيل: هو الساحر)). جامع الأصول [5/ 65].

قال ابن قدامة ((فأما الكاهن الذي له رئيّ ٌ من الجن، تأتيه بالأخبار، والعرّاف الذي يحْدس ويتخرّص، فقد قال أحمد، في رواية حنبل، في العرّاف والكاهن والساحر: أرى أن يستتاب من هذه الأفاعيل. قيل له: يقتل؟ قال: لا، يحبس لعله يرجع.

قال والعِرافة طرَف من السحر، والساحر أخبث، لأن السحر شعبة من الكفر. وقال: الساحر والكاهن حكمهما القتل أو الحبس حتى يتوبا، لأنهما يلبِّسان أمرهما. وحديث عمر: اقتلوا كل ساحر وكاهن ... )) ا هـ.

انظر المغني [12/ 305].

قال سمير: قول عمر " اقتلوا كل ساحر وكاهن " قد عزاه الحافظ ابن حجر إلى سنن سعيد بن منصور. انظر الفتح [6/ 261].

ومما يؤيد أن السحر من باب الكهانة أيضاً، حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم حين ذكر مسترقي السمع، فقال " فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته، ثم يلقيها الآخر إلى من تحته، حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن ... " الحديث. رواه البخاري [8/ 538].

وقد قال الحافظ ابن حجر ((إيراد باب الكهانة في كتاب الطب لمناسبته لباب السحر، لما يجمع بينهما من مرجع كل منهما للشياطين)). انظر الفتح [10/ 221].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير