تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حتى إذا قيل إن هذا الأثر قد قال به البخاري وأحمد بن حنبل وغيرهما من الفقهاء، فإنه لا يجعله حجة في دين الله، كما تقرر في الأصول، ولا ينبغي أن يختلف في هذا.

وهذا كله على فرض أن هؤلاء الأئمة، ابن المسيب وغيره، يجيزون حل السحر بالسحر.

الثالثة: وعندنا كتاب الله، يحكم بأن السحر كفر، فكيف يجرؤ أحد أن يعارضه بقول سعيد بن المسيب و غيره؟

فإن قال لنا قائل بنحو قول سعيد بن المسيب ((إنما نهى الله عما يضر ولم ينه عما ينفع)) أو قال ((إنما يريدون به الإصلاح)).

قلنا: لكن الله تعالى قال {ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم}.

فأثبت الضرر ونفى النفع عن السحر.

قال ابن العربي في أحكام القرآن ((والضرر وعدم المنفعة في السحر متحقق)) ا هـ.

ونقول أيضا ً: إن الله تعالى ذم السحر في كل آية ورد فيها، فقال {ولا يفلح الساحر حيث أتى} ومن كان هذا حاله فكيف يرجى منه الشفاء والفلاح؟.

وقال سبحانه {قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين}.

فالساحر مفسد، فكيف يرجى منه النفع والصلاح؟

ثم عندنا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد نهانا فيها عن السحر بأبلغ عبارة، فقال " اجتنبوا "!

فكيف يعارض قول رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول سعيد وغيره، والله تعالى يقول {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}

وقد أكد ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله عن مسترقي السمع ((حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن .. فيكذب معها مائة كذبة)).

فالساحر كذاب مفترٍ، فكيف يوثق به وبسحره؟

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ((من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد)).

وهذا، وإن لم ينص فيه على الساحر، لكنه نص على من هو مثله أو دونه في المفسدة، ولهذا رأى أهل العلم، أن الساحر يدخل في هذا الحديث، كما تقدم نقل كلامهم.

ويؤيد ذلك أيضاً أثر ابن مسعود " من أتى عرافاً أو ساحراً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ".

وقد تقدم أن هذا الأثر جود إسناده ابن كثير وابن حجر، وقال الأخير " ومثله لا يقال بالرأي ".

ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الكهان قال ((فلا تأتوهم)).

رواه مسلم [1748].

ويدخل في ذلك الساحر، كما تقدم، فكيف يصح الإفتاء بالذهاب إلى السحرة لحل السحر؟.

الرابعة: ثم جاءت الآثار تؤيد ما سبق، حين أمرت بقتل الساحر.

ولا يصح أن يؤمر بقتل الساحر، ويطلب منه حل السحر، كيف يصح الجمع بينهما؟

حتى من لا يرى قتل السحرة، فإنه يعلم أنهم مجرمون مفسدون في الأرض، عصاة بغاة، مرتكبون للموبقات، فلا يستقيم أن يسألوا حل السحر، وشفاء المسحور.

لأن في ذلك إعلاءً لشأنهم، وإعظاماً لقدرهم، فالمريض هو الضعيف المحتاج، والطبيب هو المتحكم في العلاج، كما هو ظاهر لكل عاقل.

فكيف - بالله – يصلح أن يأتي المؤمن أو المؤمنة، إلى من حكم عليه أكثر السلف بالردة والزندقة، وحكم عليه الآخرون بأنه من الكذبة الفجرة، فيسأله منفعة أو دفع مضرة؟!.

رسالة العبيكان في

حل السحر بالسحر

لم يكتف الشيخ العبيكان بما أفتى به الناس في القناة الفضائية، وأضل بها ما لايحصى عدده من العامة، وأثار به البلبلة، بل ألف رسالة أتى فيها بالعجائب، كما سترى.

قال الشيخ ((ومن المؤسف أن بعض الذين تكلموا في هذه المسألة رادين هذه الفتوى، أخذوا يستدلون بما لا دليل فيه ويخلطون بين الساحر والكاهن والعراف، ويستدلون بقوله " أتى كاهناً أو عرافاً ... ")) الخ.

قال سمير: من المؤسف حقاً أن يجهل الشيخ أثر ابن مسعود المتقدم، الذي جود إسناده ابن كثير وابن حجر، ويجهل استدلال الأئمة بحديث " من أتى كاهناً أو عرافاً .. " على مسألة السحر، ويجهل كذلك ما قاله الأئمة من أن السحر باب من الكهانة، وأن الساحر أخبث، وأن دخوله في هذا الحديث من باب أولى.

ومن المؤسف، أيضاً، أن يتكلم الشيخ في هذه المسألة ويفتي بما يخالف النصوص الصريحة، وبما يخالف ما عليه أئمة السلف والخلف.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير