ونقول للشيخ أيضاً: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أمته عن التداوي بحرام في غير ما حديث , ومنها:
1 – حديث أبي الدرداء (( ..... فتداووا ولا تداووا بحرام)) رواه أبو داود [3874].
2 – وحديث وائل بن حجر أن طارق بن سويد سأل النبي عن التداوي بالخمر , فقال صلى الله عليه وسلم ((ليست بدواء ولكنها داء)) رواه مسلم وأبو داود والترمذي. انظر جامع الأصول [7/ 538].
3 – حديث أبي هريرة ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدواء الخبيث)).
رواه أبو داود والترمذي. انظر جامع الأصول [7/ 539].
4 – حديث أم سلمة ((إن الله عز وجل لم يجعل شفاءكم في حرام)) رواه أبو يعلى [12/ 402] وصححه ابن حبان [1397 موارد].
و ذكره البخاري معلقاً موقوفاً على ابن مسعود. انظر فتح الباري [10/ 78].
و إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد منع التداوي بالخمر , وهي أخف إثماً ومفسدة من السحر , فكيف بالتداوي بالسحر , لحل السحر؟
وقد ردّ الشيخ العبيكان على من استدل بأحاديث النهي عن التداوي بحرام فقال " وأقول لمن يستدل بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التداوي بالحرام، بأن حل السحر ليس من تعاطي الأدوية المحرمة المأكولة والمشروبة، فالحديث هو في التداوي بأكل الطعام المحرم أو شرب ماهو محرم، كالخمر، ولو على سبيل التداوي، أما السحر فهو: بحلِّ عقد وإتلاف ما وضع فيه السحر واستخراجه، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد يعطي الساحر للمسحور أدوية مباحة من الأعشاب ونحوها، وإنما المحرم أن يقوم المسحور هو بفعل محرم، مثل الذبح لغير الله أو تعليق ما يتضمن المحرم، ونحو ذلك " ا هـ.
قال سمير: أولاً: النهي عن التداوي بالحرام، ليس خاصاً بالمأكول والمشروب، بل هو عام في كل دواء وعام في كل انتفاع، حتى طلاء السفن.
ففي الصحيحين من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له ((أرأيت شحوم الميتة، فإنه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس، فقال: لا، هو حرام .. )) الحديث. صحيح البخاري [2236]. وصحيح مسلم [3/ 1207].
قال الحافظ " منهم من حمل قوله " هو حرام "، على الانتفاع، فقال: يحرم الانتفاع بها، وهو قول أكثر العلماء ... ". انظر الفتح [4/ 425].
ثانياً: السحر نوع من الأمراض، فيدخل في هذا الباب أيضاً، ولهذا ورد في الحديث بلفظ " ما وجع الرجل "؟ قال الملك الآخر " مطبوب ".
والعرب تسمي المسحور مطبوباً، تفاؤلاً، كما قال الحافظ في الفتح [10/ 228]، وزاد " قال ابن الأنباري: الطب من الأضداد، يقال لعلاج الداء طب، والسحر من الداء، ويقال له طب ".
وورد في الحديث أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم ((أما أنا فقد شفاني الله))، ويؤيده رواية عائشة عند البيهقي في الدلائل " فكان يدور ولا يدري ما وجعه "، ورواية ابن عباس عند ابن سعد " مرض النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ عن النساء والطعام والشراب فهبط عليه ملكان ". انظر الفتح [10/ 227].
ولهذا أورد البخاري حديث السحر في كتاب الطب من صحيحه , وقال الحافظ ((إيراد باب السحر في كتاب الطب لمناسبته ذكر الرقى وغيرها من الأدوية المعنوية)). الفتح [10/ 221].
وقال البغوي في شرح السنة [12/ 187] عن السحر " وهو من أعظم الأدواء " ا هـ.
وقال ابن القيم ((فصل: في هديه صلى الله عليه وسلم في علاج السحر الذي سحرته اليهود به , قد أنكر هذا طائفة من الناس , وقالوا: لا يجوز هذا عليه , وظنوه نقصاً و عيباً , وليس الأمر كما زعموا , بل هو من جنس ما كان يعتريه صلى الله عليه وسلم من الأسقام والأوجاع , وهو مرض من الأمراض , و إصابته به كإصابته بالسُّمِّ , لا فرق بينهما ... ))
إلى أن قال ((قال القاضي عياض: والسحر مرض من الأمراض , وعارض من العلل يجوز عليه صلى الله عليه وسلم , كأنواع الأمراض .. )).
إلى أن قال ((والمقصود ذكر هديه في علاج هذا المرض , وقد روي عنه فيه نوعان:
أحدهما , وهو أبلغهما , استخراجه و إبطاله .. فهذا من أبلغ ما يعالج به المطبوب.
والنوع الثاني: الاستفراغ في المحل الذي يصل إليه أذى السحر .. )).
¥