[الأحكام الخاصة بعيد الأضحى والأضحية]
ـ[عبدالرحمن ناصر]ــــــــ[25 - 11 - 09, 10:17 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله العظيم الجليل، العزيز الكريم، الغفور الرحيم، ذي العرش المجيد، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد الأمين، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد أيها المسلم ـ وفقك الله للفقه في دينه ـ:
فإن من التقصير التي يقع فيها جمع كثير من أهل الإسلام في أقطار شتى:
ترك تعلم الأحكام الشرعية المتعلقة بالعيد عند حلوله.
وقد كتبت هذه الرسالة المختصرة عن الأحكام الخاصة بعيد الأضحى، عيد المسلمين الثاني، وذلك تذكيراً لي ولك، وقد جعلتها في مسائل ليسهل بإذن الله عليك فهمها، والإلمام بها.
هذا وأسأل الله تعالى أن ينفع بها كاتبها وقارءها والساعي بين الناس في نشرها، أو تفقيههم بها.
ثم أقول مستعينا به عز وجل:
المسألة الأولى / وهي عن مشروعية صلاة العيد.
قال الإمام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ كما في "مجموع الفتاوى" (23/ 161) عن صلاة العيد:
إنها من أعظم شعائر الإسلام، والناس يجتمعون لها أعظم من الجمعة. اهـ
ومشروعيتها ثابتة بالسنة النبوية المشتهرة المستفيضة، وإجماع أهل العلم، وقد كان النبي r والخلفاء بعده يداومون عليها، ولم يأت عنهم تركها في عيد من الأعياد.
وقد قال ابن عباس: t(( شهدت العيد مع رسول الله r وأبي بكر وعمر وعثمان y فكلهم كانوا يصلون قبل الخطبة)) رواه البخاري (962) واللفظ له، ومسلم (884).
وقال جابر بن سمرة t: (( صليت مع رسول الله r العيدين غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة)) رواه مسلم (887).
بل حتى النساء كن يشهدنها على عهد رسول الله r، فقد قالت أم عطية ـ رضي الله عنها ـ: ((كنا نؤمر أن نَخْرُجَ يوم العيد، حتى نُخْرِج البكر من خدرها، حتى نُخّرِج الحِيَّض، فكن خلف الناس، فيكبرن بتكبيرهم ويدعون بدعائهم، يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته)) رواه البخاري (971) واللفظ له، ومسلم (890).
وقال الإمام إسحاق بن راهويه ـ رحمه الله ـكما في "مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه" رواية إسحاق بن منصور الكوسج (رقم: 2865):
يُستحب الخروج لهن في العيدين، لما مضت السنة بذلك، ولكن لا يتزيَّن ولا يتَطيَّبن. اهـ
فإذا خرجن على هذه الصفة جمعن بين فعل السنة واجتناب الفتنة.
وهي من السنن المؤكدة عند جماهير أهل العلم، وقد نسبه إليهم النووي ـ رحمه الله ـ في "المجموع" (5/ 6) وابن جزي في "القوانين الفقهية" (ص103).
وقال النووي ـ رحمه الله ـفي "المجموع (5/ 24):
تسن صلاة العيد جماعة، وهذا مجمع عليه، للأحاديث الصحيحة المشهورة. اهـ
المسألة الثانية / وهي عن الاغتسال للعيد.
وتحت هذه المسألة فرعان:
الفرع الأول: وهو عن استحباب الغسل للعيد.
الاغتسال للعيد هو فعل أصحاب النبي r.
فقد ثبت عن نافع أنه قال: ((كان ابن عمر t يغتسل للعيدين)) رواه الفريابي في "أحكام العيدين" (رقم:15).
وثبت عن الجعد بن عبد الرحمن أنه قال: ((رأيت السائب بن يزيد t يغتسل قبل أن يخرج إلى المصلى)) رواه الفريابي في "أحكام العيدين" (رقم:16).
وقال ابن رشد ـ رحمه الله ـفي "بداية المجتهد" (1/ 505):
أجمع العلماء على استحسان الغسل لصلاة العيدين. اهـ
الفرع الثاني: وهو عن وقت الاغتسال للعيد وصفته.
الأفضل أن يكون الاغتسال للعيد بعد صلاة فجره، وقبل الذهاب إلى المصلى، وأن تكون صفته كصفة غسل الجنابة.
وعليه يدل ظاهر الآثار الواردة عن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ ومنهم ابن عمر t.
فقد قال محمد بن إسحاق: قلت لنافع: كيف كان ابن عمر يصلي يوم العيد؟ فقال: ((كان يشهد صلاة الفجر مع الإمام ثم يرجع إلى بيته فيغتسل كغسله من الجنابة، ويلبس أحسن ثيابه، ويتطيب بأحسن ما عنده ثم يخرج حتى يأتي المصلى)) رواه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" بسند حسن، كما في "المطالب العالية" (رقم:2753).
وثبت عن الجعد بن عبد الرحمن أنه قال: ((رأيت السائب بن يزيد t يغتسل قبل أن يخرج إلى المصلى)) رواه الفريابي في "أحكام العيدين" (رقم:16).
وإن اغتسل للعيد قبل صلاة الفجر لضيق الوقت، وحتى يتمكن من التبكير إلى المصلى فحسن، وقد فعله جمع من السلف الصالح، واستحسنه كثير.
المسألة الثالثة / وهي عن التجمل للعيد بأحسن الثياب والطيب.
¥