درة نفيسة ونادرة من ابن الوزير في فضلِ معاوية رضي الله عنه
ـ[حلية الأولياء]ــــــــ[06 - 12 - 09, 08:30 م]ـ
من فضل الله علينا ـ معشر أهل السنة ـ أن حبب لنا أولئك الجيل الطاهر من أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ورضي الله عنهم، ولم يجعل في قلوبنا غلاً عليهم ..
لذا .. فأنا في الحقيقة أعشق كل درةٍ، أو فائدة نفيسة تدافع عن كل ما ألصق بهم من أخطاء وعظائم ـ وما هم بالمعصومين ـ خاصة تلك التي تخاطب العقل ..
ولعلمي بفرحك بهذا النوع من الفوائد، فقد آثرتك بسوق هذه الدرة النفيسة من ابن الوزير ـ رحمه الله ـ في كتابه القيم "الروض الباسم في الذب عن سنة ابي القاسم" 2/ 541، والتي ساقها في مقام الاستدلال على مناقب معاوية وصدقه، وفضله رضي الله عنه.
ولا يخفى أن ابن الوزير كان من أئمة الزيدية، ثم اهتدى إلى مذهب أهل السنة، فدافع أحسن ما يكون الدفاع عن مذهب أهل السنة والجماعة بكتابين:
1 ـ العواصم والقواصم، وهو مطبوع في 9 مجلدات.
2 ـ "الروض الباسم" وهو مختصر للذي قبله، مطبوع في مجلدين، وفيه من الزيادات ما ليس في الأصل.
وقد كان ابن الوزير: ممن أوتي فهماً دقيقاً في علم الكلام ـ فسبحان من ينصر دينه ويهيئ له رجالاً ينافحون عنه! ـ فصار هذا العلم من أقوى أدواته في تفنيد شبه الخصوم من المعتزلة والزيدية الذين تشبعوا من هذا العلم في بلاد اليمن ..
ويمين الله .. لم يكن هذا العلم وحده هو السبب، بل لأنه كان عالماً فحلاً في علم الحديث، فاستخدم علم الكلام في بري سهام السنة، وتجويد نصولها؛ لتصيب الخصم في مقتل. وهذا ـ أعني علم الحديث ـ كما حدثني بعض طلاب العلم الذين يعيشون في أرض أهل البدع (نجران) هو العلم الذي أفلس منه أهل البدع، فصاروا فقراء يستحقون أن يتصدق عليهم منه! وإلا فالقرآن لا يوجد طائفة إلا وتنزع منه؛ لأنه كما قال علي رضي الله عنه: "حمال وجوه"، فإذا جاءتهم أنوار السنة لم تستطع ظلمات بدعهم ولا شبهاتهم الصمود لها، خصوصاً إذا أضيئت بيد إمام كابن الوزير: ..
عفواً .. أطلتُ في هذه المقدمة .. فإليك ـ أيها السني الموفق ـ المقصود، فإنه لما ساق جملة ما لمعاوية رضي الله عنه من الأحاديث في دوواين السنة، قال ـ رحمه الله ـ:
" فهذا جملة ما له في جميع دواوين الإسلام الستة، لا يشذ عني من ذلك شيء، إلا ما لا يعصم عنه البشر من السهو.
وليس في حديثه ما ينكر قط، على أن فيها ما لم يصح عنه، أو ما في صحته عنه خلاف، وجملة ما اتفق على صحته عنه منها كلها في الفضائل والأحكام: ثلاثة عشر حديثاً، اتفق البخاري ومسلم منها على أربعة، وانفرد البخاري بأربعة، ومسلمٌ بخمسة، وهذا دليل صدق أهل ذلك العصر، وعدم انحطاطهم إلى مرتبة الكذابين ـ خذلهم الله تعالى ـ ولو لم يدل على ذلك ـ أي على صدق معاوية رضي الله عنه ـ إلا أن معاوية لم يرو شيئاً قط في ذم علي رضي الله عنه، ولا في استحلال حربه، ولا في فضائل عثمان، ولا في ذم القائمين عليه، مع تصديق جنده له، وحاجتهم إلى تنشيطهم بذلك! فلم يكن منه شيء من ذلك رغم طول المدة، لا في حياة علي ولا بعد وفاته، ولا تفرد برواية ما يخالف الإسلام، ويهدم القواعد، ولهذا روى عن معاوية غير واحد من أعيان الصحابة والتابعين، كابن عباس، وأبي سعيد، وابن الزبير ... " انتهى المقصود.
وتلاحظ ههنا امرين:
1 ـ أن معاوية بقي في الحكم بعد علي س 20 سنة تقريباً، فلله درهم ما أكمل مروءتهم، وما أشد شرفهم في الخصومة!
2 ـ أن ابن الوزير ـ رحمه الله ـ لم يكتف بالاستدلال على ما رواه معاوية فقط، بل استدل بما لم يروه أيضاً، وهذا سر تميز هذه الفائدة النفيسة، فرحم الله ابن الوزير، وجزاه عنا وعن الإسلام خيراً.
رابط الفائدة: http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?p=92086