وعادت أوروبا لتاريخها وتاريخ المسلمين تقرأه , فوجدت أن أعظم الصراعات في تاريخهم الطويل كانت بين المسلمين والنصارى , وكلما التفتوا للقدس تذكروا تاريخهم حيث موطن عيسى عليه السلام , وكلما ااتجهوا شمالاً تذكروا بيزنطة المدينة العظيمة التي عاشت في تاريخهم وحضارته إلى اليوم والتي عاش فيها الإمبراطور قسطنطين , وهاهي أضحت مدينة إسلامية , وأصبحت تسمى (القسطنطينية) وغدت مساجدها أشهر من علم على نار.
وليس غريباً أن يسمع العالم اليوم تصريحات الإتحاد الأوربي بمعارضة انضمام تركيا للإتحاد , ومع أن ظاهر التكتل الذي تشارك فيه جميع دول أوروبا تقريباً اقتصادي بحت , إلا أن التصريحات كانت غريبة على الرأي العالمي , فقد صرح رئيس الإتحاد الأوربي بمعارضته ومعارضة أغلب الدول لانضمام تركيا بسبب أن الإتحاد بين دول مسيحية , وتركيا دولة ذات جذور إسلامية عريقة.
هكذا يصرح قادتهم: (الإتحاد للمسيحيين) ولا يمكن قبول دولة قوية فيه تمثل الإسلام , هذا خطاب أرباب السياسية الذي يفترض أن يكون مغلّفاً وغير مباشر , وفكيف بخطاب وشعور دهماء القوم ومرتادي الكنائس الذين يملئون جيوب المنصرين بمليارات اليوروات يومياً , فهم رغم الحروب الطاحنة بين الكنائس , ورغم ملايين القتلى بسبب الصراع بين الكنائس يعترفون بأنهم قادرون على جمع كلمتهم إذا كانت ضد عدوهم , والعدو الأكبر لهم حالياً هو الإسلام.
كلما تذكروا الحروب الصليبية تذكروا شهدائهم وقتلاهم فيضخون في نفوسهم الحياة بذكرى موتهم , ويصر الأوربيون أنهم الوحيدون القادرون على إدارة العالم , ويرون أن صراع الديانات أو الحضارات لابد أن يكونوا هم المنتصرون فيه.
ليست هذه مغالطات ولكنه واقع لانعيشه نحن لكن يعيشه أغلب نصارى أوروبا , فكثير منهم يعلِّمون أطفالهم كره المسلمين , ويبثون الحقد الدفين في نفوسهم , وتساعد القنوات المتلفزة والأخبار المشاهدة والكتب المطبوعة في ذلك , فينشأ الطفل وقد تشبع ببغض هذا الدين وأهله.
وهذا الاستفتاء نتيجة احتقان قديم بدأ يسفر عن وجهه القبيح.
ولن يقف النصارى عند هذا الحدّ , فليست القضية المآذن , بل سيمتد الطوفان الجارف لعداوة المسلمين لدول أخرى تنتظر انتفاضة حاسمة ضد الإسلام , وستعلو المطالبات في عدد من الدول بالتضييق على المسلمين وحدهم , وستبدأ الحكومات المجاورة أو الشعوب بمحاولات الضغط على المسلمين وعلى شعائرهم مثل الحجاب والصلاة والصيام والمقابر وغير ذلك.
يجب علينا ونحن نشاهد مثل ذلك أن نتذكر قوله تعالى: (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ) ويجب علينا أن نعلم أن الحرب على الرموز والشعائر الإسلامية قديمة , وأن الصراع بين الإسلام وخصومه قائم إلى قيام الساعة.
إنهم يتجهون للإسلام وحده , فالعامل الهندي مرحب به في مجالات التخصصات الدقيقة , لكنه إذا كان مسلماً فسيختلف الوضع في التعامل معه , وهكذا الإفريقي يرحبون به حتى يعلموا أنه مسلم فتختلف الطريقة والمعاملة معه.
لقد ملئوا الدنيا ضجيجاً يوم سقطت الشيوعية بقولهم العدو القادم اليوم هم المسلمون , وسوف يشهد العقد الجديد حلقات مثيرة من الصراع مع المسلمين , الذين كان دخولهم إلى قلب أوروبا النصرانية ضرورة ملحة بعد الحربين الضروستين التي فقدت فيها دول العالم المتحضر الملايين من أبنائها بسبب التعصب المقيت والوحشي , وبعد تنامي عدد المسلمين أصبح الوضع صاعقة كبيرة , فكثير منهم ظن أن وجودهم سينتهي بمجرد انتهاء عملهم , ولكنهم وجدوا كثرة الأتباع من أبناء بلدهم , ووجدوا تمسك المسلمين بدينهم , فأصبحوا يولولون ويطالبون بذوبان الهوية والاندماج الكلي , وهو شيء لا يمكن أن يطالبوا به اليهود المنعزلين ولا النصارى المتشددين , بل ولا يمكن أن يمسوا سيادة الأساقفة ويتدخلوا في عملهم الكنسي الخاص.
¥