فإن كنْتُم إنما عبدتموه لأنَّهُ أحيا الموتى، فهذا حزقيل تجدونَهُ مكتوباً عندكم في التوراة والإنجيل، لا ننكِرُهُ نحنُ ولا أنتُم، مرَّ بميّتٍ فدعا الله عزّ وجلّ له فأحياه حتى كلّمَهُ؛ فَضُمُّوا حزقيل مع عيسى حتّى يكونَ لكم حزقيل ثالثَ ثلاثة!؟.
وإن كنتُم إنَّما عبدتموه لأنَّهُ أراكم العجب، فهذا يوشع بن نون قاتل قومه، حتى غربت الشمس؛ قال لها: ارجعي بإذن الله؛ فرجَعَتْ اثني عشرَ بُرْجاً؛ فضموا يوشع بن نون مع عيسى يكون لكم رابع أربعة؟!.
وإن كنتم إنما عبدتموه لأنه عُرِجَ به إلى السماء، فَمِنْ ملائكةِ الله عزّ وجلّ مع كل نَفْسٍ اثنان بالليل واثنان بالنهار يَعْرُجون إلى السماء، ما لو ذَهَبْنَا نَعُدُّهم لا لْتَبَسَ علينا عقولنا واختلط علينا دينُنا وما ازْدَدْنا في ديننَا إلا تَحَيُّرا!؟.
ثم قال (أي الشيخ): أيّها القسِ: أخبرني عن رجل حلّ بهِ موتٌ، أيكونُ أهونَ عليه أو القَتْل؟.
قال القس: القتل.
قال (أي الشيخ): فَلِمَ لَمْ يقتُلْ عيسى أمَّهُ، عَذَّبَها بنزع النَّفْس؟ إنْ قُلْتَ إنَّهُ قتَلَها؛ فما بَرَّ أُمَّهُ من قتلها!؟ وإن قُلْتَ إنَّهُ لم يَقْتُلْها، ما بَرَّ أُمَّهُ من عذَّبها بِنَزْعِ النَّفْس؟!.
قال القس: اذهبوا به إلى الكنيسة العُظْمى، فإنه لا يدخلها أحدٌ إلا تَنَصَّرَ!.
قال الملك: اذهبوا به.
قال الشيخ: لماذا يُذهبُ بي ولا حُجَّةَ عليَّ دُحِضَتْ؟.
قال الملك: لن يَضُركَ، إنما هو بَيْتٌ من بيوت ربك عزّ وجلَ، تذكرُ الله عزّ وجلّ فيه.
قال الشيخ: إن كان هكذا فلا بأس.
فذهبوا به؛ فلمّا دخل الكنيسة، وضَعَ أُصْبعيه في أذنيه ورفع صوته بالأذان؛ فجزعوا لذلك جزعاً شديداً وضربوه ولبَّبُوه (التلبب أي الخنق) وجاؤوا به إلى الملك.
فقالوا: أيُّها الملك! أحلّ بنفسه القتلَ!.
فقال له الملك: لِم أحْلَلْتَ بنفسكَ القَتْلَ؟.
فقال (الشيخ): أيُّها الملك، أين ذُهِبَ بي.
قال (الملك): ذهبوا بك إلى بيت من بيوت الله عز وجل لتذكر فيه ربك عز وجل!.
قال (الشيخ): فقد دخَلْتُ وذكرتُ ربي بلساني وعظّمْتُهُ بقلبي، فإن كان كُلما ذُكِرَ الله في كنائسكم يَصْغُرُ دينُكم؛ فزادكم الله صغارا!.
قال الملك: صدق، ولا سبيل لكم عليه.
قالوا: أيها الملك! لا نرضى حتى تقتله.
قال الشيخ: إنكم متى قتلتموني، فبلغ ذلك ملِكَنا وضع يده في قتل القِسِّيسين والأساقفة وخرَّب الكنائس وكَسَر الصلبان ومنع النواقيس.
قال (الملك): فإنه يَفْعَلُ؟.
قال (الشيخ): نعم! فلا تَشُكُّوا!.
ففكَّروا في ذلك فتركوه.
قال الشيخ: أيُّها الملك! ما عابَ أهلُ الكتاب على أهل الأوثان؟.
قال: بما عبدوا ما عملوا بأيديهم.
قال: فهل أنتم تعبدون ما عَمِلْتُم بأيديكم هذا الذي في كنائسكم؟ فإن كان في الإنجيل؛ فلا كلام لنا فيه، وإن لم يكن في الإنجيل فلم تُشَبِّهُ دينك بدينِ أهل الأوثان؟.
قال الملك: صدق، هل تجدون في الإنجيل؟.
قال القس: لا.
قال الملك: فلم تشبّه ديني بدين أهْلِ الأوثان؟ فأمر بِنَقْضِ الكنائس؛ فجعلوا ينقضونها ويبكون.
قال القس: إن هذا لشيطان من شياطين العرب رَمى به البحر إليكم؛ فأخرجوه من حيث جاء؛ فلا يقطر من دمه قطرة في بلادكم؛ فيفسد عليكم دينكم؛
فوكَّلُوا به رجالاً، فأخرجوه إلى بلاد دمشق، ووضع الملك يَدَهُ في قتل القسيسين والأساقفة والبطارقة حتى هربوا إلى الشام لأنهم لم يجدوا أحداً يُحاجه.
وهذه القصة مروية بالإسناد من طريق
أبو الحسين علي بن محمد بن محمد بن عبدالله بن بشران السٌّكري قال أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن عبدالله بن السَّماك، حدثنا عُبيد بن محمد بن خلف البزار، حدثنا الحسن بن الصبّاح البزَّار، حدثنا محمد بن كثير المصّيصي الصنعاني، عن مَخْلَد بن الحسين، عن واصل الدمشقي.
* جزء فيه شروط أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه على النصارى
وفيه حديث واصل الدمشقي ومناظرته لهم.
تحقيق / نظام محمد صالح اليعقوبي.
أرأيتم كيف كان كلام سلفنا جميل ومفحم وبليغ
لا تثريب على من يقول "يا ليتني كنت شعرة في صدر رجل من السلف "
هذه من أحب المناظرات إلى قلبي وهذه ثالث مرة أقرأها
وكلنا نلاحظ جانب الطرافة الذي أشرت إليه في أول الموضوع
ـ[أبو عبد البر المالكي]ــــــــ[12 - 12 - 09, 11:16 ص]ـ
ميدان الرد على النصارى ميدان خطير يجب على اخواننا طلبة العلم ان يهتموا به حق الاهتمام فله فوائد كثيرة منها زيادة على ما ذكرت اخي ترسيخ مبدئ الولاء و البراء , و من نظر الى هجمات النصارى على الدين و مدى توحدهم و تكاثف جهودهم عز عليه ان يتكلم في مسلم او ان ينتقصه ...
و لاخواننا المسلمين جهد مشكور في المنتديات و برامج المحادثة كالبالتوك لكن بعض المحاورين و المناظرين غير متخصصين قد حملهم الى الكلام غيرتهم على الدين و حب هداية الخلق فهم بحاجة ماسة الى اهل التخصص اولي النظر البعيد و الراي السديد ...
نسال الله ان يوفقنا للخير
¥