تنبيهٌ ولفتةٌ حول قول بعضهم: (لا غيبة لمجهول) ...
ـ[خليل الفائدة]ــــــــ[09 - 12 - 09, 05:25 ص]ـ
الحمد لله وحده؛ وبعد:
فبعضُ النَّاسِ حينما يذكر شخصاً غيرَ معروفٍ - لدى السامعين - بشرٍّ، أو خزيٍ، أو عيب، ونحو ذلكَ، لأيّ غرضٍ من الأغراضِ؛ فإن كانَ لا يعرفه السَّامِعُ - ولو بالقرائن -؛ فقد نفى كثيرٌ من أهل العلمِ كونَ ذلك من الغيبةِ، وأدخله بعضهم فيها.
والمقصود: أنَّ ذلكَ لا ينبغي أن يكونَ إلاَّ لمصلحةٍ، كالتحذيرِ من هذه العيوب الواقعة من هذه المجهول.
وأمَّا الاستكثارُ من ذلكَ؛ استناداً إلى هذه المقولةِ، فهي وإن لم تكنْ من الغيبةِ؛ لكنَّ لها آفةً دقيقةً هي ما قصدتُ التنبيهَ إليها في هذا الموضوع:
ذلكم أنَّ المستكثر من ذكرِ المجهولِ؛ تنقُّصاً، وذكراً للعيوبِ، واستعاذةً باللهِ من حاله - لغيرِ مصلحةٍ أو حاجةٍ - قد لا ينفكُّ عن ذهنه تصوُّرُ هذا الشخصِ المُتَكَلَّمِ فيه؛ مما يُحَقِّرُهُ في نفسِهِ، ولا ينقدحُ بخاطِرهِ إلاَّ ازدراه، وربَّما مقته.
وفي هذا - إن كان بغيرِ حقٍّ - ظلمٌ للنَّفْسِ، وإساءةٌ إليها، وإيقافٌ لها عن مدارجِ السالكين، ومنازلِ السائرين!
فقد صحَّ عن النبيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنَّه قال: (بِحَسْبِ امرئٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يَحقِرَ أخَاهُ المُسلِمَ، كُلُّ المُسلمِ على المُسلِمِ حرامٌ: دَمُهُ ومَالُهُ وعِرضُهُ) كما في حديث إبي هريرةَ 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - في صحيح مسلم. (يعني: يكفيه مِنَ الشرِّ احتقارُ أخيه المسلم، فإنَّه إنَّما يحتقرُ أخاه المسلم لتكبُّره عليه، والكِبْرُ من أعظمِ خِصالِ الشَّرِّ)
[جامع العلوم والحكم ش ح: 35]
وَمَقْتُ النَّاسِ مذمومٌ، ولو في جنبِ اللهِ؛ إلاَّ بشرطه عند العارفين، وهو: أن تمقتهم في جنبِ اللهِ، ثمَّ تعود إلى نفسكَ؛ فتكون أشدَّ لها مقتاً!
فقد روى ابنُ أبي شيبةَ وغيرُه عن أبي الدرداء 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - موقوفاً عليه: " لاَ تَفْقَهُ كُلَّ الْفِقْهِ حَتَّى تَمْقُتَ النَّاسَ فِي جَنْبِ اللهِ، ثُمَّ تَرْجِعَ إِلَى نَفْسِكَ فَتَكُونَ أَشَدَّ لَهَا مَقْتًا"!
وقال الإمامُ ابنُ القيِّمِ في المدارجِ (1/ 247): (وهذا الكلام - يعني كلام أبي الدرداءِ - لا يفقه معناه إلا الفقيه في دين الله؛ فإن من شهد حقيقة الخلق وعجزهم وضعفهم وتقصيرهم بل تفريطهم وإضاعتهم لحق الله وإقبالهم على غيره وبيعهم حظهم من الله بأبخس الثمن من هذا العاجل الفاني = لم يجد بُدّاً من مقتهم، ولا يمكنه غير ذلك ألبتة، ولكن إذا رجع إلى نفسه وحاله وتقصيره وكان على بصيرة من ذلك = كان لنفسه أشدَّ مقتاً واستهانةً؛ فهذا هو الفقيه)!
نسألُ الله عزَّ وجلَّ أن يعينَنَا على حفظِ ألسنتنا عن كلِّ ما لا ينفع؛ فضلاً عمَّا يضرّ ..
والله أعلم.
ـ[خليل الفائدة]ــــــــ[09 - 12 - 09, 06:49 ص]ـ
تأمَّلوا هذا الضَّابِطَ من ضَوابِط الغِيبَة! ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=123821) (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=123821)
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[09 - 12 - 09, 10:18 ص]ـ
أحسن الله إليك أيها الخليل المفيد
قال وكيع حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، قال: «إني لأرى الشر أكرهه، فما يمنعني أن أتكلم به إلا مخافة أن أبتلى به»
وقال أيضاً حدثنا الأعمش، عن عمرو بن شرحبيل قال: قالوا: «لو رأيت رجلا يرضع عنزا فسخرت منه خشيت أن أكون مثله»
إنما أردت التواصل مع الأفاضل ... وفقني الله وإياك ومن نحب لكل خير ...
ـ[السوادي]ــــــــ[09 - 12 - 09, 04:17 م]ـ
جزاك الله خير
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[09 - 12 - 09, 07:33 م]ـ
نسألُ الله عزَّ وجلَّ أن يعينَنَا على حفظِ ألسنتنا عن كلِّ ما لا ينفع؛ فضلاً عمَّا يضرّ
اللهم آمين
بارك الله فيك
ـ[خليل الفائدة]ــــــــ[10 - 12 - 09, 04:16 ص]ـ
بارك الله فيكم ..
إنما أردت التواصل مع الأفاضل ... وفقني الله وإياك ومن نحب لكل خير ...
آمين ..
أنتم أهل الفضل، وذووه، وأنا مجرد نُقَلَةٌ ليس غير ..
ـ[أبو مريم العراقي]ــــــــ[10 - 12 - 09, 04:53 ص]ـ
بارك الله فيك أخي، لفتة مهمة، و تنبيه دقيق، و قد يقول قائل: إن الفطن يعرف مثلها من النصوص العامة كالتي ذكرت و غيرها فيتحرز في أثناء كلامه عن المجهول.
لكن قد يقول آخر: ليس كل الناس يتفطن لذلك، خاصة في خضم الهجوم الشرس للدنيا و زخرفها على قلوب الناس، و هو الفطرة، لكنّ أعداء الدين من أمضى أسلحتهم في إسقاط المسلمين أُسارَى هو الدنيا بأصناف شهواتها، حتى سقط أهل الصلاح.
و الله العاصم.
ـ[خليل الفائدة]ــــــــ[30 - 12 - 09, 04:05 م]ـ
بارك الله فيك أخي أبا مريم ..
ـ[خليل الفائدة]ــــــــ[18 - 01 - 10, 07:10 ص]ـ
تذكيراً ..
¥