تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[طالب العلم وتأثير ظروف العصر على الفتوى]

ـ[حمد بن صالح المري]ــــــــ[15 - 12 - 09, 12:32 م]ـ

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، أما بعد:

فكثيراً ما نرى نهجاً ينتهجه العالم وطالب العلم في فتواه، فبعضهُم يجنح للأصول والقواعد العامّة ومقاصد الشريعة، ويكثر من الاستناد إليها في التقرير، ويواجه النّصوص التي تعارض في الظّاهر هذه الأصول والقواعد =بنسفهِا من أصلها بالتضعيف، أو بتأويلها إن كانتْ ثابتةً، أو بنسخها إن لم تقبل التأويل. وهذا كله بحسب فهمه ونظره.

وبعضهُم يجنحُ إلى ظواهر النّصوص فيأخذها دون اعتبارٍ لمقاصد الشريعة وأصولها، ولا يرضى بأدنى مناقشةٍ أو توضيحٍ أو تقييدٍ أو تخصيص.

وبعضهم يجنح إلى تعليل الأخبار مطلقاً، فإن لم تظهر له العلّةُ طرح الخبرَ وألغاهُ، ولجأ إلى الّذي تظهر له علّتُه وفائدتُه وإن كان المستندُ ضعيفاً، والخبر لا يصحُّ، والقول شاذّاً.

وبعضهم يجنح إلى التحليل ما وجدَ إلى ذلك سبيلاً، وحجّته: إعراض النّاس عن الدّين وتكاليفه.

وبعضهم يجنح إلى التحريم، وحجّته: تلاعب النّاس بالدّين، وفقدهم الورع. {ولكلٍّ وجهةٌ هو مولّيها}.

وقد لخّص هذا كلَّه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وغفر له ولجميع المسلمين= بقوله: (العلماء ثلاثة: عالم دولة، وعالم أمّة، وعالم ملّة. فعالم الدولة ينظر ما تريد الدّولة، فيفتي بما تريد. وعالم الأمة: ينظر ما تريد النّاس. وعالم الملّة: هو الّذي ينشر دين الإسلام، ويفتي بدين الإسلام عن علم، ولا يبالي بما دلّ عليه الشرع أوافق هوى الناس أم لم يوافق ... إلخ).

ولهذا؛ عندما أرى وجهةً معينة للعالم؛ أرجع إلى كتب السيرة والتراجم، فأقرأ في سيرته، فأجدُ أحياناً تأثيرَ ظروف عصره، وطبيعة مجتمعه، وأحوال بيئته ظاهرةً على فتاواه وكتبه.

فطالب العلم أو العالم قد تعتريه ظروف وأحوال تسيطر عليه، فتحول بينه وبين التجرّد من حيث لا يشعر. ولم أرَ -حسب علمي الضعيف واطّلاعي القاصر- عالماً سلم من هذا سلامةً واضحةً إلا شيخَ الإسلام رحمه الله، فقد مكثْتُ مدةً وأنا متعجّبٌ من تجرّده، وسيطرته على مشاعره رحمه الله تعالى؛ ولذا فإنّي عزمْتُ على التدبّر والتجرّد والافتقار أثناء البحث والتأمّل، وعرفْتُ من هذه الجولة أهميّة التوفيق، وحاجتي إليها؛ خاصّة مسائل المعاملات. لئلا يجنح العقل القاصر إلى ما يظنّه تيسيراً وما هو بميسّر، فاليسر حقيقة في امتثال أمر الله سبحانه وتعالى، والرفق كلّ الرفق في أحكام الشرع الحنيف.

وقد أعدْتُ النّظر في بحوث كنت كتبتها وأنا تحت السيطرة والتأثير؛ فلمّا راجعتُها أصابني خوفٌ ما عهدتُه، لما رأيت من ليٍّ للنصوص، وتحايل على الشرع.

واذكرُ أنّي كتبْتُ بحثاً في حكم الأخذِ من اللّحية، ثمّ عرضْتُه على شيخي المحدّث الدكتور/ سعيد بن محمد المري حفظه الله، فلمّا قرأه قال لي: (ظاهرٌ من بداية بحثك أنّك تُريدُ حكمَ كذا وكذا ... إلخ)، فتعجّبْتُ!! وظننْتُهُ متوهّماً ... وأنا في الحقيقة المتوهّمُ (ابتسامة).

وفّق اللهُ الجميعَ لما يُحبُّ ويرضى.

ـ[حمد بن صالح المري]ــــــــ[08 - 06 - 10, 12:25 ص]ـ

للرفع

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير