تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَكَانَ الأَمْرُ كَمَا قَالُوا , وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا. فَلَمَّا خَرَجَ الْحُسَيْنُ - رضي الله عنه - وَرَأَى أَنَّ الأُمُورَ قَدْ تَغَيَّرَتْ , طَلَبَ مِنْهُمْ أَنْ يَدْعُوهُ يَرْجِعُ , أَوْ يَلْحَقَ بِبَعْضِ الثُّغُورِ , أَوْ يَلْحَقَ بِابْنِ عَمِّهِ يَزِيدَ , فَمَنَعُوهُ هَذَا وَهَذَا. حَتَّى يَسْتَأْسِرَ , وَقَاتَلُوهُ فَقَاتَلَهُمْ فَقَتَلُوهُ. وَطَائِفَةٌ مِمَّنْ مَعَهُ , مَظْلُومًا شَهِيدًا شَهَادَةً أَكْرَمُهُ اللَّهُ بِهَا وَأَلْحَقَهُ بِأَهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ. وَأَهَانَ بِهَا مَنْ ظَلَمَهُ وَاعْتَدَى عَلَيْهِ , وَأَوْجَبَ ذَلِكَ شَرًّا بَيْنَ النَّاسِ. فَصَارَتْ طَائِفَةٌ جَاهِلَةٌ ظَالِمَةٌ: إمَّا مُلْحِدَةٌ مُنَافِقَةٌ , وَإِمَّا ضَالَّةٌ غَاوِيَةٌ , تُظْهِرُ مُوَالاتَهُ , وَمُوَالاةَ أَهْلِ بَيْتِهِ تَتَّخِذُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ يَوْمَ مَأْتَمٍ وَحُزْنٍ وَنِيَاحَةٍ , وَتُظْهِرُ فِيهِ شِعَارَ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ لَطْمِ الْخُدُودِ , وَشَقِّ الْجُيُوبِ , وَالتَّعَزِّي بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ. وَاَلَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ فِي الْمُصِيبَةِ - إذَا كَانَتْ جَدِيدَةً - إنَّمَا هُوَ الصَّبْرُ وَالاحْتِسَابُ وَالاسْتِرْجَاعُ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ}. وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: {لَيْسَ مِنَّا مِنْ لَطَمَ الْخُدُودَ , وَشَقَّ الْجُيُوبَ , وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ}. وَقَالَ: {أَنَا بَرِيءٌ مِنْ الصَّالِقَةِ , وَالْحَالِقَةِ , وَالشَّاقَّةِ}. وَقَالَ: {النَّائِحَةُ إذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا تُقَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ}. وَفِي الْمُسْنَدِ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ , عَنْ أَبِيهَا الْحُسَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: {مَا مِنْ رَجُلٍ يُصَابُ بِمُصِيبَةٍ , فَيَذْكُرُ مُصِيبَتَهُ وَإِنْ قَدِمَتْ , فَيُحْدِثُ لَهَا اسْتِرْجَاعًا إلاّ أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنْ الأَجْرِ مِثْلَ أَجْرِهِ يَوْمَ أُصِيبَ بِهَا}. وَهَذَا مِنْ كَرَامَةِ اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِينَ , فَإِنَّ مُصِيبَةَ الْحُسَيْنِ وَغَيْرِهِ إذَا ذُكِرَتْ بَعْدَ طُولِ الْعَهْدِ , فَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَسْتَرْجِعَ فِيهَا كَمَا أَمَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ لِيُعْطَى مِنْ الأَجْرِ مِثْلُ أَجْرِ الْمُصَابِ يَوْمَ أُصِيبَ بِهَا. وَإِذَا كَانَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ أَمَرَ بِالصَّبْرِ وَالاحْتِسَابِ عِنْدَ حَدَثَانِ الْعَهْدِ بِالْمُصِيبَةِ , فَكَيْفَ مَعَ طُولِ الزَّمَانِ , فَكَانَ مَا زَيَّنَهُ الشَّيْطَانُ لأَهْلِ الضَّلالِ وَالْغَيِّ مِنْ اتِّخَاذِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ مَأْتَمًا , وَمَا يَصْنَعُونَ فِيهِ مِنْ النَّدْبِ وَالنِّيَاحَةِ , وَإِنْشَادِ قَصَائِدِ الْحُزْنِ , وَرِوَايَةِ الأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا كَذِبٌ كَثِيرٌ وَالصِّدْقُ فِيهَا لَيْسَ فِيهِ إلا تَجْدِيدُ الْحُزْنِ , وَالتَّعَصُّبُ , وَإِثَارَةُ الشَّحْنَاءِ وَالْحَرْبِ , وَإِلْقَاءُ الْفِتَنِ بَيْنَ أَهْلِ الإِسْلامِ , وَالتَّوَسُّلُ بِذَلِكَ إلَى سَبِّ السَّابِقِينَ الأَوَّلِينَ , وَكَثْرَةُ الْكَذِبِ وَالْفِتَنِ فِي الدُّنْيَا وَلَمْ يَعْرِفْ طَوَائِفُ الإِسْلامِ أَكْثَرَ كَذِبًا وَفِتَنًا وَمُعَاوَنَةً لِلْكُفَّارِ عَلَى أَهْلِ الإِسْلامِ , مِنْ هَذِهِ الطَّائِفَةِ الضَّالَّةِ الْغَاوِيَةِ , فَإِنَّهُمْ شَرٌّ مِنْ الْخَوَارِجِ الْمَارِقِينَ. وَأُولَئِكَ قَالَ فِيهِمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: {يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلامِ , وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ}. وَهَؤُلاءِ يُعَاوِنُونَ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأُمَّتِهِ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير