تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

جزاك الله خيراً على طرح هذا الموضوع، لذا أحببت أن أشارك فيه ـ إذا سمحتم لي ـ بموضوع خطبة الجمعة لهذا اليوم 1/ 1/1431هـ

(لقاء الله):

... كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو، فَبَايعٌ نَفْسَهُ، فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا، فمن منا باع نفسه لله، وانتصر على شيطانه وهواه، ونال رضا الله وهُداه، فاجتهد بأعماله ليفوز مع الفائزين وينجو مع الناجين، فصلّى لربه وصام، وتصدّق بماله وابتعد عن فعل الحرام، ووصل رحمه وواسى الفقراء والأيتام، وابتعد عن أذية المسلمين، ومن منا غلبه شيطانه واتّبع هواه، وغرته نفسه وعمّت مصائبه وبلواه، سيء في تعامله مع ربه، سيء في تعامله مع نفسه، سيء في تعامله مع أهله وجيرانه وإخوانه والمسلمين؟.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ، ولا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [الحشر18، 19] نحن بحاجة إلى وقفة مع أنفسنا في الدنيا حتى ننظر ما قدمناه لغد.

كم مضى عليك أيتها النفس من عام، ومن شهر، ومن يوم، ومن ساعة، ومن دقيقة، ومن لحظة.

ماذا تكلم هذا اللسان؟! وماذا رأت هذه العين؟! وماذا سمعت هذه الأذن؟! وأين مشت هذه القدم؟! وبماذا بطشت هذه اليد؟! (وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ) [القمر53].

(وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) [الكهف 49].

كل الناس موقنون بالموت، مسلمهم وكافرهم، ذكرهم وأنثاهم، صغيرهم وكبيرهم، ما من أحد منهم يحدث نفسه بالخلود، لكنَّ الفرقَ بيننا والخلافَ بينهم في كيفية لقاءِ الله، كل منا على موعد مع هذا اللقاء، في لحظة قد لا يشعر الإنسان به، ولا يدري كم بقي على هذا اللقاء من وقت ومن زمن؟ (فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) [الكهف110] عَنْ عَائِشَةَ ـ رضي الله عنها ـ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللّهِ، أَحَبَّ اللّهُ لِقَاءَهُ. وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللّهِ، كَرِهَ اللّهُ لِقَاءَهُ» فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللّهِ أَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ؟ فَكُلُّنَا نَكْرَهُ الْمَوْتَ. فَقَالَ: «لَيْسَ كَذَلِكَ. وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا بُشِّرَ بِرَحْمَةِ اللّهِ وَرِضْوَانِهِ وَجَنَّتِهِ، أَحَبَّ لِقَاءَ اللّهِ، فَأَحَبَّ اللّهُ لِقَاءَهُ. وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا بُشِّرَ بِعَذَابِ اللّهِ وَسَخَطِهِ، كَرِهَ لِقَاءَ اللّهِ، وَكَرِهَ اللّهُ لِقَاءَهُ» رواه مسلم في صحيحه.

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رضي الله عنه ـ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللّهِ، أَحَبَّ اللّهُ لِقَاءَهُ. وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللّهِ، كَرِهَ اللّهُ لِقَاءَهُ» قَالَ فَأَتَيْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَذْكُرُ عَنْ رَسُولِ اللّهِ حَدِيثاً. إِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ هَلَكْنَا. فَقَالَتْ: إِنَّ الْهَالِكَ مَنْ هَلَكَ بِقَوْلِ رَسُولِ اللّهِ. وَمَا ذَاكَ؟ قَال َ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللّهِ، أَحَبَّ اللّهُ لِقَاءَهُ. وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللّهِ، كَرِهَ اللّهُ لِقَاءَهُ» وَلَيْسَ مِنَّا أَحَدٌ إِلاَّ وَهُوَ يَكْرَهُ الْمَوَتَ. فَقَالَتْ: قَدْ قَالَهُ رَسُولُ اللّهِ. وَلَيْسَ بِالَّذِي تَذْهَبُ إِلَيْهِ. وَلكِنْ إِذَا شَخَصَ الْبَصَرُ، وَحَشْرَجَ الصَّدْرُ، وَاقْشَعَرَّ الْجِلْدُ، وَتَشَنَّجَتِ الأَصَابِعُ. فَعِنْدَ ذلِكَ، مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللّهِ، أَحَبَّ اللّهُ لِقَاءَهُ. وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللّهِ، كَرِهَ اللّهُ لِقَاءَهُ ". رواه مسلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير