وعلى كل حال فقد تقرر عند أهل العلم بالحديث ثبوت العدالة لجميع الصحابة ـ رحمه الله تعالى عنه ـ فالصحابي ثقة، سواء أعُرِفَ اسمه أم لم يُعرف، أو عرفت كنيتهُ أم لم تعرف كان عدلاُ مقبول الرواية، وهذا مذهب جماهير أهل العلم 0
أما إعتراض ابن حزم على الحديث من حيث اضطراب المتن، فالجواب على هذا، أنه لا يمكن أن نقرر الاضطراب إلا إذا تكافأت الوجوه المختلفة من حيث القوة، ولا يمكنه الترجيح أو الجمع بين طرقها، والحديث الذي بين أيدينا ليس كذلك، فإن كل ما أورد فيه ممكن فيه الجمع أو الترجيح، وأقل مايقال في هذا: أن هذا اللفظ زيادة عن ثقة ليس لها معارض فوجب قبولها،
(1) أحاديث ذم الغناء والمعازف في الميزان لعبد الله بن يوسف الجُديع 00 بتصرف شديد 0
(2) 1/ 1/305 0
(3) 12/ 144 0
ثم أن البخاري ـ رحمه الله _ لم يعنَ في كتابه " التاريخ " بمتون الأحاديث لأنه ليس هو مقصود الكتاب، فكم من حديث مختصرها، فلا يورد منها إلا طرفاً يسيراً، ثم إن الرواية باللفظ المذكور فليست تقابل في قوتها رواية " يستحلون " والله أعلم 0
الحديث الثاني:
" إن في أمتي خسفاً ومسخاً وقذفاُ، قالوا: يارسول الله! وهم يشهدون أن لا إله إلا الله؟ فقال: " نعم، إذا ظهرت المعازف، والخمور، ولبس الحرير " 0 أخرجه نعيم بن حماد في " الفتن " (1)، وأبو عمرو الداني (2)، رواه ليث بن أبي سليم عن ابن سابط متابعاً لعمرو، غير أن ابن سابط تابعي، فهو مرسل، للكن له شواهد تحسنه من حديث أبي هريرة 0
حدثنا عبيد الله بن عمر الجشمي قال: حدثنا سليمان بن سالم أبو داود قال: حدثنا حسان بن أبي سنان عن رجل عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ?: " يمسخ قوم من هذه الأمة في آخر الزمان قردة وخنازير " 0 قالوا: يارسول الله: أليس يشهدون إن ل إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؟ قال: " بلى "، ويصومون ويصلون ويحجون " 0 قال: فما بالهم؟ قال: " اتخذوا المعازف والدفوف والقينات، فباتوا على شربهم ولهوهم فأصبحوا قد مسخوا قردةً وخنازير "0
هذا الحديث ذكر ابن حزم في " المحلى " (3) من طريق سعيد بن منصور نا يسلم بن سالم به، والصواب " سليمان بن سالم وليس سليم " ذكره البخاري في التاريخ الكبير: 2/ 2/18، وفي الصغير " 2/ 199 0
(1) 9/ 3/ ب 0
(2) ق 40/ أ 0
(3) 9/ 58 0
وقال: " لايتابع عليه " 0
والجواب: سليمان ذكره ابن حبان في " الثقات " وذكره ابن أبي أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (1)، ولم يذكر فيهجرحاً ولا تعديلاً فهو مستور الحال يصلح حديثه في الشواهد والمتابعات 0
وعن عمران بن حصين قال: قال رسول الله ?: " يكون في أمتي قذف ومسخ وخسف 0 قيل يارسول الله متى ذلك؟ قال: إذا ظهرت المعازف، كثرت القينات، وشربت الخمور " 0
أخرجه الترمذي في كتاب " الفتن " (2) 0 وأبي إلى الدنيا في " ذم الملاهي " (ق 1/ 2)، وأبو عمرو الداني في " السنن الواردة في الفتن " (ق 39/ 1 و 40/ 2)، وابن نجار في " ذيل تاريخ بغداد " (18/ 252) من طريق عبدالله بن عبدالقدوس 0 قال: حدثني الأعمش عنهلال بن يساف عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله ?: فذكره 0 قال الترمذي: " وقد روى هذا الحديث عن الأعمش عن عبدالرحمن بن سابط عن النبي ? مرسلاً، وهذا حديث غريب " 0
رجال الحديث ثقات غير عبدالله بن عبدالقدوس، فإنه ضعفه غير واحد من الأئمة 0
قال الحافظ " صدوق، إلا أنه يروي عن أقوام ضعاف "، غير أن رفضه لايضرّ حديثه، وهو صالح الحديث في المتابعات والشواهد، وعلى قول البخاري فإن حديثه أقوى من ذلك، لأن شيخه هنا إمام حافظ، والحديث
(1) 1/ 1/120 0
(2) رقم (2137)، (4050، 4051) 0
حسن في الشواهد والمتابعات 0ومرسل الأعمش الذي علقه الترمذي، قد وصله أبو عمرو الداني (1) من طريق حماد بن عمرو عن الأعمش به 0 وإن كان حماد هذا متروك، فقد توبع كذلك من قبل ليث بن أبي سليم، عند الداني، وإن كان حماد هذا الأخير معروفاً بالضعف، فقد توبع أيضا 0 فقال ابن أبي الدنيا (ق 2/ 2): حدثنا إسحاق بن إسماعيل قال: حدثنا جرير، عن أبان ابن تغلب، عن عمرو بن مرَة، عن عبد الرحمن بن سابط، قال: قال رسول الله ? فذكره 0
الحديث الثالث:
¥