تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لقد تسببتم في شيوع شعور عام أحسسنا تحته وكأنما تدعون وتنافحون عن قضية إصلاحية ستنقل الأمة نقلة نوعية فقط لا يحجز الأمة عنها إلا أن تقود المرأة السيارة ذاهبة لعملها الذي تعمل فيه كمحامية تتفاوض مع القاضي في حقوق موكلها كاشفة وجهها الذي لا يحرم كشفه!!

هب المرأة فعلت كل هذا وأبيح لها شرعاً ونظاماً أو على الأقل هب أن المجتمع خفف من حساسيته التي ترونها حول قضايا المرأة = فكان ماذا؟؟

وبعدين؟؟

كم شبراً ستتقدم الأمة؟؟

بل كما قلتُ لكم وضع تلك القضايا على جدول الإصلاح والدعوة لها بنفس مفاهيم وآليات الدعوة للإصلاح،لو قُدر أنه أثمر نتيجة مما ترجون = فسيُنبت معها الكثير والكثير مما تأنفون،وسيأتيكم الغد بما لم تكونوا تحتسبون،ولربما قال الواحد منكم عندها: ربنا كنا عن هذا غافلين ..

المشايخ الكرام ..

لا أحجر عليكم إن كان لكم آراء فقهية في قضايا المرأة ترونها جديرة بالاعتبار.لكني لا أرى أبداً أن تجاوز هذه الآراء قدرها من كونها مادة للبحث الفقهي ينظر فيها بالحجة والبرهان فيتم تقييمها وتقييم رتب الخلاف فيها ويدور فيها نزاع هادئ في قاعات الدرس ومجالس الفقه ..

أما أن تجاوز تلك الآراء هذا القدر وتصبغ بصبغة إصلاحية وربما تُطلى بطلاء سياسي،وتُجعل معياراً لتقدم الدعوة الإصلاحية أو تأخرها وتجعل شعاراً لتشدد المخالفين أو تأخرهم = فهذا ما لا أرضاه لكم ولا أرضاه للعلم والمنهج وأعده جناية عليها ..

وإذا كنتُ لا أحب من مخالفيكم أن يسموكم بالتيسير المستهتر والتمييع المنحل وان يحشروكم مع الليبراليين وحزبهم = فإني لا أحب لكم أن تعدوا مخالفيكم من المتشددين القابعين خلف عجلات الزمن أو تحتها ..

هذا عن مجرد جعل هذه القضايا مادة لاستنبات إصلاحي وأن أمرها أهون من ذلك بكثير ..

نأتي الآن للزرع الضار الذي سينبت لجوار آرائكم إن هي أنبتت ..

مشايخي الكرام ..

لا يجمل بالعالم المصلح أن يغفل عن الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعرفية والمآلية = حال النظر والاجتهاد في باب من الأبواب ..

وإذا كنت لا أحب من مخالفيكم أن يضعوكم في جملة مفيدة مع الليبراليين والعلمانيين = فإني أكره منكم جداً أنكم لم تراعوا تلك الآفات اليبرالية التي ستنبت إلى جوار زرعكم وتستظل به وتقوى حتى إنها توشك أن تميل بخامة زرعكم يمنة ويسرة وتقوى عليها وتستطيل وتحيلها إلى وجهة أخرى غير التي كنتم تحسبون ..

أولئك القوم ليس عندهم مشروع تام أصلاً إن هي إلا فتنة يضلون بها بعض العباد فيضربون يمنة هنا ويسرة هناك ويعلمون أن أول أبواب الشر هو النساء ولا يملكون هم أصلاً مشروعاً تقدمياً للمرأة وإنما يرجون أن ينزعوا عنها لباسها الذي ألبسها إياه الدين (مطلق الدين هم يقبلون دينكم ويردون دين الآخرين اليوم .. وغداً سيردون دينكم أنفسكم) حتى لو لم يكونوا يملكون هم لباساً بديلاً،وعجزهم وعدم امتلاكهم للمشروع يجعلهم شديدو الفرح بأطروحاتكم لأنها تُؤمن لهم الدرجات الأولى وبعدها سيهون الأمر عليهم ويجدون عليه أعواناً ..

أنتم تريدون إزاحة الحاجز وخلخلته بضعة سنتيمترات وترون في الدين سعة لذلك أما الليبراليون فيرومون هدم الحاجز .. ولكنهم لا يملكون معولاً فليس أمامهم في هذه المرحلة إلا أن يساعدوكم على خلخلة الحاجز ..

أكره وسوسة الذي يربط كل اختيار فقهي ميسر في قضايا المرأة بقاسم أمين = ولكني أشد كرهاً لمن يريد ان يجعل هذا الاختيار الفقهي الميسر مشروعاً إصلاحياً على صفحات الجرائد يكتب هو فيه مقالة غافلاً عن أنه سيشرحها الليبراليون بعشرة ويستولدونها ما يشاؤون وينفخون فيها قدر ما يستطيعون؛لأن أولئك القوم يعلمون جيداً أن هدى شعراوي لم تنزع ثيابها إلا حين أعانهم عليها من نزع عنها-باسم الدين- نقابها ..

خلاصة المقال: لا أطلب منكم أن تكتموا اختياراتكم الفقهية في قضايا المرأة،ولكن لتكن في حدود الحوار الشرعي بين طلبة العلم في قاعات الدرس ومجالس الفقه وأطلب حينها من مخالفيكم أن يعاملوكم على أنكم أخطأتم وأردتم الحق من جهة الله والرسول ..

أما إلباس هذا الاختيار الفقهي ذلكم الثوب الإصلاحي من جهة الصورة والعبارة وآلية النشر ورفع الصوت والسعي والكد والانتصاب والعمل = فهذا عندي إنفاق للدر في شراء البصل ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير