بل بعضهم يحارب القول المخالف له، بلا حجة و لا برهان، وإنما حجته أن القول المخالف فيه حرج، أو أنّ الإختلاف رحمة، أو أنه يكفي أنّ فلان (وما أدرك ما فلان) قد قال به.
فهو يتبع الرخص ما أمكن، و كما قال بعض السلف>.
كل هذا، أملا منه أن يصبح ذلك جائزا، فهو يلوي الأدلة حتى توافق مراده وهواه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (مجموع الفتاوى 2/ 202 ـ 203):
>.
والصحيح أنّ دليلهم هو اتباع الهوى، فما وافق مذهبهم اخذوا به، وما خالفهم تركوه ولو كان هو الحق والصواب.
ولو كان الحق مرادهم لكفاهم دليل واحد (لأنهم ليس معهم دليل)، ولكن لما كان قصدهم هو إتباع الهوى فلن يكفيهم ألف دليل.
قال الإمام الشاطبي رحمه الله في كتابه العجاب (الموافقات4/ 141، عقب كلام للإمام الخطابي فيمن يجعل الخلاف حجة في الجواز):
>.
فالصادق في طلبه لا يجعل الخلاف وسيلة يتقرب بها إلى ربه، ولكن يتحرى الراجح والصواب ما أمكن، لأن الخلاف مهما كان صغيرا أو كبيرا فهو شر، ولا يكون (الخلاف) رحمة أبدا، فكيف يجعله سببا إلى تجويز ما يريد (والله المستعان).
{01}: قال الشيخ الألباني رحمه الله في (السلسلة الضعيفة1/ 86، بعد أن قال في اللاتي قبلها أن: حديث {اختلاف أمتي رحمة} باطل مكذوب):
>.
فانظر يا رعاك الله نظرة العلماء إلى الخلاف، ونظرة أهل البدع إليه.
فأما العلماء فقالوا ينبغي القضاء عليه ما أمكن لأنه من أسباب ضعف الأمة (كيف لا، وهو يفرق شملها وينخر عظمها)، والآخرون جعلوه رحمة، لأنه يبلغهم مقصدهم وهو تغير دين الله.
قال ابن حزم رحمه الله في (أحكام في أصول الأحكام 5/ 64) بعد إشارته إلى الحديث المذكور {اختلاف أمتي رحمة} أنه ليس بحديث:
>.
فهل بعد كل هذا يقول قائل أنّ الاختلاف رحمة، أو يجعل منه وسيلة لرد الحق.
وكيف يرضى مسلم أن يعبد الله بعبادة مختلف فيها، ويترك الدين الواضح وضوح الشمس.
أخشى أن يكون لمثل هؤلاء حضّ من قوله تعالى: > الفرقان (23)، أو قوله عزّوجل >. الكهف (99).
فالمؤمن الصادق هو الذي يفر من البدع والشبهات، ولا يأخذ دينه على أيّ كان (ورحم الله الإمام ابن سرين لمّا قال:>، وإنما يبني دينه على أقوال العلماء، ورثة الأنبياء (العلماء الربانيون)، لا على أقوال السفهاء، فيبني دينه على شفا جرف هار، فينهار به في نار جهنم والعياذ بالله.
وأخيرا:
أقول (هذا السجع) لمن همه إتباع الهوى والمصالح الدنيوية:
**لقد أبيت إلا إتباع الهوى طريق كل غدار**
**وبنيت منهاجك على شفا جرف هار**
**فارجع عن غيك بإتباع العلماء الكبار**
يكن لك حظ وافر من تركة الأنبياء الأخيار**
**إيه والله لقد أريتك طريقا إن سلكته أمنت العذار**
**وإلا: إصطادك الشيطان كما يصطاد الفار**
>.
كتبها اخونا أبو عبيدة الوهرانى
¥