تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وجه دلالة الحديث على الحكم: أن النبي صلى الله عليه وسلم عزم على صيامه، وقد أخذنا هذا من خبره، والقاعدة في الأصول: [أن ما عزم النبي -صلى الله عليه سلم- على فعله كفعله في استفادة الأحكام]، وهنا عزم -صلى الله عليه وسلم- على فعل تقربي وهو الصيام، والقاعدة في الأصول: [أن فعل النبي التقربي يفيد الاستحباب].

ومن الأدلة على استحباب صيامه حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصيام، بعد رمضان، شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة، بعد الفريضة، صلاة الليل»، ومأخذ الحكم من الحديث من قوله: «أفضل»، فهذا اللفظ يتضمن إثبات الثواب على الفعل، والقاعدة في الأصول: [أن ترتيب الثواب على الفعل يقتضي المشروعية-القدر المشترك بين الإيجاب والندب- والأصل عدم الوجوب فيتعين الندب والاستحباب].

- وجاء عند الإمام أحمد-رحمه الله- في المسند من حديث ابن عباس-رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صوموا يوم عاشوراء، وخالفوا فيه اليهود، صوموا قبله يوما، أو بعده يوما».

وظاهر هذا الخبر وجوب صيام التاسع أو الحادي عشر (واجب مخير في أقسام محصورة)، ومأخذ الوجوب من قوله: «صوموا»: فهذا أمر، والقاعدة في الأصول: [أن الأمر المطلق للوجوب] , وأما التخيير فمأخذه من قوله: أو بعده يوما، والقاعدة في الأصول: [أن حرف أو يفيد التخيير]، والقاعدة في الأصول: [أن اللغة العربية معتبرة في تفسير كلام الشارع]، وقد يدعى أن للأمر صارفا، وذلك أن صوم عاشوراء مستحب فيلزم أن هذا كذلك، وهذا ضرب من الرأي (أي القياس) المعارض للنص الظاهر، والقاعدة في الأصول: [أن النص الظاهر مقدم على القياس (غير منصوص العلة) عند التعارض]، على أن هذا ليس بقياس صحيح، لأن القاعدة في الأصول: [لا قياس إلا بعلة]، ولا يشكل على هذا القياس بنفي الفارق فإن العلة فيه متحققة لكن لظهورها لم يشتغل القائس ببيانها وتحقيقها، ولا تلازم بين الأصل وصفته من حيث الإيجاب والندب، واعتبر ذلك بالركوع في صلاة النافلة.

- قال مقيده - عفا الله عنه -: لوثبت الخبر لقلت بالوجوب، لكنه ضعيف ليس بثابت، فلا يمكن استفادة حكم منه، فالقاعدة في الأصول: [أن الحديث الضعيف ليس بحجة في إثبات الأحكام الشرعية]، ووجه عدم ثبوته: أن في إسناده محمد بن عبد الرحمن ابن أبي ليلى سيء الحفظ، والقاعدة في الأصول: [أن سوء حفظ الراوي يقتضي ضعف خبره]، وداود بن علي بن عباس الهاشمي قال ابن معين: شيخ هاشمي، إنما يحدث بحديث واحد (قال ابن عدي: أظن الحديث في عاشوراء، وقد روى غير هذا بضعة عشر حديثا)، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال يخطي، وقال ابن حجر في التقريب مقبول، وسواء قلنا أنه سيء الحفظ أو مجهول فحديثه مردود.

- وقد جاء هذا الحديث عند البيهقي في السنن الكبير بلفظ: «صوموا قبله يوما وبعده يوما»، هكذا في رواية البيهقي عن أبي الحسن ابن عبدان، وهذا اللفظ لوثبت - بقطع النظر عن سابقه - يقتضي وجوب الجمع بين الحادي عشر والتاسع لمن صام عاشوراء، فالقاعدة في الأصول في مبحث معاني الحروف: [أن الواو تقتضي مطلق الجمع]، ومن ثم نحتاج إلى الجمع بينه وبين الذي قبله، لكنه ضعيف جدا في إسناده ابن أبي ليلى سيء الحفظ, وداود بن علي مردود الحديث، وأبو الحسن ابن عبدان، قال عنه الإمام الذهبي-رحمه الله-في الكاشف: "ليس بثقة ,كان يلحق اسمه في الطباق".

مسألـ (8) ـة: الحكمة من صيام التاسع:

لصيام التاسع مع العاشر معنيان:

- المعنى الأول: مخالفة اليهود والنصارى فهم يخصون عاشوراء بالصيام، وهذا المعنى مروي عن ابن عباس-رضي الله عنهما- عند عبد الرزاق بسند صحيح كما تقدم، ويدل عليه ما جاء في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عباس-رضي الله عنهما- والذي فيه أنه قال: (حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا: يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير