[مختصر في الأحكام الشرعية للكوارث البيئية]
ـ[همام النجدي]ــــــــ[27 - 12 - 09, 09:24 م]ـ
[مختصر في الأحكام الشرعية للكوارث البيئية]
الشيخ محمد صالح المنجد
مع توالي تداعيات كارثة السيول، وما أفرزته من إشكالات كثيرة؛ زادت الحاجة إلى معرفة كثيرٍ من الأحكام الشرعية المتعلقة بهذه الكارثة، ومن أهم هذه المسائل والأحكام:
* إنقاذ الغريق والعمل على إنجائه من الواجبات، بل يجب على المسلم قطع الصلاة ولو كانت فريضة لإغاثة الغريق إذا قدر على ذلك.
فإن كان قادرا على ذلك دون غيره وجب عليه وجوباً عينياً , وإن كان ثمَّ غيره كان ذلك واجباً كفائياً على القادرين.
فإن قام به أحدهم سقط عن الباقين, وإلا أثموا جميعاً.
ومن امْتَنَعَ عن ذلك مع قدرته ضمن على الصحيح.
* ومن كان مالكاً للنصاب الشرعي للزكاة، ثم أذهب السيل ماله، فإن لم يكن الحول قد حال على المال، أو حال ولكن لم يتمكن من إخراجها لعذر، فلا إثم ولا ضمان، وتسقط الزكاة.
وأما إن كان التلف حصل بعد الحول وبعد التمكن من إخراجها، وفرط وقصر في ذلك، ففي هذه الحال تكون الزكاة قد استقرت في ذمته، ويجب عليه إخراجها.
* يصح إعطاء المتضررين في السيول من الزكاة، إذا صاروا بالتضرر من الفقراء أو الغارمين.
ويدل على ذلك ما رواه مسلم في صحيحه (1044) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يَا قَبِيصَةُ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ) وذكر منهم: (وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ أَوْ قَالَ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ).
قال التابعي الجليل مجاهد بن جبر المكي: " ثَلاَثَةٌ مِنَ الْغَارِمِينَ: رَجُلٌ ذَهَبَ السَّيْلُ بِمَالِهِ، وَرَجُلٌ أَصَابَهُ حَرِيقٌ فَذَهَبَ بِمَالِهِ , وَرَجُلٌ لَهُ عِيَالٌ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ , فَهُوَ يَدَّانُ وَيُنْفَقُ عَلَى عِيَالِهِ ". رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (3/ 207) بسند صحيح.
* يجوز تعجيل زكاة العام القادم وحسابها بالتقدير والاجتهاد من أجل حاجة الناس في هذه الكارثة، وهو أفضل من إخراجها في رمضان.
* المبيع الذي تلف بسبب كارثة السيول: إن تلف قبل قبض المشتري له انفسخ البيع، ويكون ضمان التالف على البائع، ويلزمه رد الثمن للمشتري إن كان قد أخذه منه.
وأما إن تلف المبيع بعد قبض المشتري للسلعة وحيازتها، ففي هذه الحال يكون من ضمان المشتري ولا يلزم البائع شيء؛ لأن المبيع قد خرج من عهدته بتسليمه للمشتري.
وأما إذا مكن البائعُ المشتري من القبض فقد قضى ما عليه، والمشتري هو المفرط بترك القبض، فيكون الضمان عليه.
* ثمار الزروع التي تلفت بسبب السيل، وقبل التمكن من الجذاذ، يحق للمشتري الذي سلَّم ثمنها أن يرجع على البائع بكل الثمن الذي دفعه له، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لَوْ بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ ثَمَرًا، فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ، فَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا، بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ!!). رواه مسلم (1544).
* باقي قسط الإجارة في البيوت والمحلات التي هدمها السيل تسقط عن المستأجر، لأن الإجارة تنفسخ بتلف العين المستأجرة، وعلى المستأجر أجرة ما سبق من المدة فقط، ويعاد له ما زاد عن ذلك إن كان قدم الأجرة.
* وهذه الحادثة تؤكد على ما نبه عليه العلماء في موضوع بيع السيارات من ضرورة التفريق بين عقدي الإجارة والبيع وعدم الخلط بينهما؛ لأنه يؤدي إلى النزاع بين الشركة والمستأجر؛ لأن كلاً منهما يُحمِّل قيمة السيارة على الطرف الآخر، بينما لو كان عقد إجارة منفصل فيتحمل المؤجر (وهو شركة السيارات) التلف، ولو كان عقد بيع بالأقساط مستقل، فسيتحمل المشتري التلف وتبقى عليه الأقساط.
لكن الإجارة المنتهية بالتمليك ليست إجارة خالصةً، ولا بيعاً خالصاً، فيقع النزاع .... والآن بعد السيول ستبدأ النزاعات بين المستأجر وشركات التأجير المنتهي بالتمليك حول ضمان السيارة، ومن سيأخذ التعويض من شركات التأمين!!.
* ما يتلف تحت يد الأجير الخاص من الموظفين في المؤسسات والشركات بسبب السيل لا ضمان عليهم فيه؛ لأن الأجير الخاص أمين، فلا ضمان عليه فيما تلف في يده بلا تعدٍ ولا تفريط.
¥