* وما يتلف عند الأجير المشترك، كسيارات الناس في ورش الإصلاح، وأقمشتهم في محلات الخياطة، وملابسهم في المغاسل ... ونحوها، بسبب السيل لا ضمان فيه على القول الراجح.
* و الأمانات والودائع التي تلفت في السيل لا يضمنها المودَع إذا كان قد وضعها في حرز مثلها عادة.
* ومن استعار شيئاً ثم تلف في السيل، ففي تضمينه خلاف بين العلماء، والأقرب أنه لا ضمان عليه .. لأن العارية أمانة فلا تُضمن إلا بالتعدي أو التفريط.
* وكذلك إذا تلف رأس مال المضاربة في السيل، يكون تلفه على رب المال، ولا يضمن المضارب شيئاً إذا لم يفرط؛ لأنه في يده بمنزلة الوديعة.
* وأما المال المغصوب الذي تلف في السيل، فلا خلاف بين الفقهاء في ضمانه؛ لأن الغاصب متعدٍّ، قال ابن جزي المالكي في القوانين الفقهية صـ362: " الغاصب ضامن لما غصبه، سواء تلف بأمر الله أو من مخلوق ".
* وكل ما فقد من جراء هذه السيول من الممتلكات فإنه يجري عليه شرعاً حكم اللقطة سواء كان من الممتلكات التي ضاعت من أصحابها، أو ما تركوه عمداً لعدم القدرة على حمله، أو السيارات والمعدات الثقيلة التي جرفها السيل، أو الحيوانات والبهائم الشاردة بسبب السيول.
وخلاصة حكم اللقطة: أن الشيء اليسير الذي لا يتكلف صاحبه البحث عنه عادة، كالقلم الرخيص، والمبلغ اليسير، فهذا يملكه من وجده ولا يحتاج إلى تعريف.
وما عدا ذلك من الأموال مما تتبعه همة أوساط الناس فيجب على من وجدها أن يحفظها ويقوم بتعريفها في الأسواق ومجامع الناس والجرائد سنة كاملة، فإن لم يأت صاحبها فهي ملك له بشرط أن يضمنها لصاحبها متى جاء.
ويمكن أن تقوم الجهات المسؤولة بإنشاء مستودع لهذه الملتقطات والموجودات، فمن جاء ببينة دُفع له متاعه.
* وإذا وجد من الباعة وأصحاب الحرف استغلال لحاجة الناس، كما وقع في سيارات السحب والشفط ومغاسل السيارات والشقق المفروشة ... ففي هذه الحال يحق لولي الأمر أن يتدخل، ويلزمهم بسعر المثل حماية للناس من الجشع والاستغلال.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية::" وَمَا احْتَاجَ إلَى بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ عُمُومُ النَّاسِ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ لَا يُبَاعَ إلَّا بِثَمَنِ الْمِثْلِ: إذَا كَانَتْ الْحَاجَةُ إلَى بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ عَامَّةً ".
وقال ابن القيم: " إذا امتنع أرباب السلع من بيعها مع ضرورة الناس إليها إلا بزيادة على القيمة المعروفة، فهنا يجب عليهم بيعها بقيمة المثل، ولا معنى للتسعير إلا إلزامهم بقيمة المثل فالتسعير ههنا إلزام بالعدل الذي ألزمهم الله به ".
* وصاحب عقد التأمين المحرم الذي تم تعويضه من شركة التأمين، يجوز له أخذ ما دفعه سابقاً فقط وهو مجموع الأقساط، ويتصدق بما زاد.
*ويحرم شراء السلع والأشياء المسروقة لمن علم أو غلب على ظنه أنها مسروقة، لما في شرائها من التعاون على الإثم والعدوان، وتفويت السلعة على صاحبها الحقيقي.
* والغرقى إذا لم يعلم أيهم مات أولاً فلا يرث بعضهم من بعض، وإنما يحصل ميراث كل واحد منهم لورثته الأحياء، وبذلك قضى زيد في قتلى اليمامة، وفيمن مات في طاعون عَمَواس، وبه أخذ جمهور الفقهاء.
* والكذب والخداع لأخذ التعويضات من أكل المال بالباطل، فمن لم يصبه ضرر من هذه السيول، فلا حق له في الإعانة، ودعواه الضرر مع عدم حصوله كذب محرم، وعلامة من علامات النفاق.
- والمفقود الذي انقطع خبره، ولم تعلم حياته من مماته، ينتظر به مدة بحيث يغلب على الظن رجوعه لو كان حياً، ثم يحكم بموته بعد انتهائها إذا لم يظهر له أثر وحينئذٍ تبدأ الأحكام المترتبة على الوفاة من ابتداء عدة الوفاة مثل اعتداد زوجته وقسمة ميراثه.
* ومما أفرزته هذه الكارثة أن بعض المؤسسات والشركات بدأت بتسريح موظفيها، ولا بد قبل الإقدام على هذه الخطوة من النظر في عاقبة هذا القرار على هؤلاء الموظفين، فإن من ورائهم أرزاق عوائل, ونفقات بيوت وإعاشة أفراد.
مع العلم أنه لا يجوز لصاحب العمل تسريح موظف قبل نهاية عقده إلا في حال عدم القدرة على تسديد المستحقات ووجود الضرر الثابت الواضح.
ولا بد من إيفاء الموظف كافة حقوقه المتفق عليها، وما حدث ليس مبررا لبخسه شيئا من حقه؛ لأنه لا ذنب له فيه.
* ومن المتقرر شرعاً أن: المفرِّط ضامن.
فكل من فرط في عمله وأهمل وقصر، يلزمه ضمان ما ترتب على تقصيره وإهماله من خسائر، مع استحقاق العقوبة للتعدي على المال العام بغير حق.
وإن من أخطر ما يمكن أن يلقى العبد ربه به يوم القيامة أكل المال بالباطل، وإن أشد الأموال خطورة: الأموال العامة، فالإثم فيها عظيم ... وحرمتها أشد من حرمة المال الخاص؛ لأنها حق مشترك بين جميع المسلمين.
ومن العدوان على المال العام: عدم الوفاء بشروط الجودة والإتقان في مشروعات الدولة، وإعطاء تراخيص لما لا يجوز إقامته من الأبنية.
وأشد من هؤلاء جرما أولئك الذين تأتمنهم الدولة، وتضع تحت أيديهم أموال بيت مال المسلمين، لإنجاز مشاريع يحصل بها النفع العام، ثم لا ينفذونها ويسلبونها وينهبونها، أو ينفذونها على وجه لا تبرأ به الذمة، ولا تُؤدى به الأمانة، فيأخذ من ذلك المال العام ما لا يستحقه، ويترتب على إخلاله بالأمانة ضرر وفساد عام.
وكم حصل من وراء ذلك من هدم وغرق وحرق، وهلاك للأنفس والأموال والثمرات.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَهُمْ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) رواه البخاري (3118).
ومعنى: (يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ) أي: يتصرفون في مال المسلمين بالباطل.
فالواجب على كل موظف ومسؤول وصاحب أمانة أن يرعى حق الله في المال العام، فلا يسيء التصرف فيه، ولا يطلق يده في العبث به.
قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا).