تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكان الشيخ في كل درس تقريبًا يراجع ما نقله الشارحون في هذه المدونات، إذا احتاجت المسألة إلى مزيد عناية ومراجعة وبحث؛ إما لخفاء موضع الاستيعاب من الشراح في شروحهم، أو الحاجة إلى الوقوف إلى كلام الآخرين من المؤلفين الشارحين وغيرهم، فيطلب من الطلبة النابهين مزيد البحث والمراجعة، ويحب أن يقرؤوا عليه بحوثهم، إما في الدرس إن كان ثمة متسع، أو في بيته، أو في مختصره في مكتبته، وربما طلب صورة من البحث إن راق له، أو أعجبه نقلُ الطالب له وتحريره.

هذا، وعندي بحوث عديدة في مسائل متنوعة، كلَّف الشيخ ببحثها لهذا الغرض في شروح الحديث وغيره.

والمقصود: أن عناية سماحة شيخنا بكتب شروح الأحاديث، يمثل طرفًا عظيمًا من عنايته بالسنة النبوية وفقهها، وتناول بحوث العلماء وشروحهم في إبانتها وتجليتها.

وفي هذا الصدد أنقل من كلام الشيخ الكثير جدًّا، ما يبرز هذه العناية، ففي "مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" من كتب ورسائل الشيخ يقول: "وأهم كتب الحديث وأصحها: صحيح البخاري، وصحيح مسلم، فليكثر من مراجعتهما، والاستفادة منهما، ومن بقية كتب الحديث، كالسنن الأربع، ومسند الإمام أحمد، وموطأ الإمام مالك، وسنن الدارمي، وغيرها من كتب الحديث المعروفة". ا. ه (16).

كما كان - رحمه الله - يُكَرِّر هذه الوصايا وغيرها في نصحه لطلاب العلم إذا استنصحوه فيما يرتبون في طلبهم العلم، وما يطالعون ويقرؤون ويدرسون من الكتب، وكثيرًا ما أسمعه يوصي بذلك في اجتماعاتهم معه في المحاضرات في الجامعات والمعاهد، والمحاضرات والندوات المتعلقة بطلب العلم، وطريقته، وفضل العلم والعلماء، والسعي فيه، وأشباه ذلك.

ولا أحصي كثرة كم كان الشيخ ابن باز يوصي طلابَ العلم، ويوجه سائليه الطالبين توجيههم إلى ما يعتنون به من الكتب والمتون في العقيدة السلفية؛ عقيدة أهل السنة والجماعة خصوصًا، وفي تحصيل علوم الشريعة عمومًا، حيث كان يوجههم - رحمه الله - إلى العناية بكتاب الله وكلامه القرآن، حفظًا وتعلمًا، ومدارسةً وعملاً، والعناية بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - في صحيحي الإمامين البخاري ومسلم، وسنن أبي داود، والجامع الصحيح للترمذي، وسنن النسائي "المجتبى"، وسنن ابن ماجه، ومسند أحمد، وموطأ مالك، وصحيح ابن خزيمة وكتاب التوحيد له، وكتاب الشريعة للآجري، وشرح السنة لهبة الله اللالكائي، وكتب شيخ الإسلام ابن تيميَّة، وتلميذه ابن القيم، وتلميذه ابن كثير وابن رجب الحنبلي، ومختصرات ورسائل الشيخ محمد بن عبدالوهاب، ككتاب "التوحيد"، و"كشف الشبهات"، و"ثلاثة الأصول" وغيرها، وكتب أئمة الدعوة من بعده - رحم الله الجميع.

المبحث الرابع: تعليقات الشيخ ابن باز على "فتح الباري":

إن عناية سماحة الشيخ ابن باز بالمدونة العظمى؛ بل وديوان الإسلام الكبير "فتح الباري شرح صحيح البخاري"، للحافظ الكبير أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (773 - 852هـ)، وحفاوته الكبيرة به؛ إنما هي فرع من إجلاله واهتمامه لأصحِّ كتاب بعد كلام الله القرآن: صحيح الإمام الموفق أبي عبدالله البخاري 256هـ، الذي كان مرجع سماحته في دروسه، وقراءاته، وجلساته العلمية المتنوعة.

ولما كان أجلَّ شروح صحيح البخاري - التي نافت على ثلاثمائة شرح - وأعظمَها، وأوسعَها، وأوفرَها، شرحُ الحافظ ابن حجر: "فتح الباري"؛ اتجهتْ همةُ سماحته وعنايته إلى مطالعته، والقراءة والبحث فيه، من فترة مبكرة في مسيرة الشيخ العلمية، حتى سَمَتِ الهمةُ إلى مقابلته على بعض الأصول الخطية، التي استجلبها الشيخ من جهات عدة؛ تحريًّا لضبط وتحقيق وتوثيق هذا الشرح، وسلامته من الغلط والسقط، والتحريف والتصحيف، مع ما انضاف إلى ذلك من التحشية والتعليق على مواطن من المجلدات الثلاثة الأولى منه، في المسائل المتعلقة بالتوحيد والإيمان والعقيدة على وجه الخصوص، متعديًا إلى المباحث الفقهية، والحديثية، والعلل والنكات العلمية، على جهة العموم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير