تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إعلمي أختي في الله أنّ الحياة الدنيا ما هي إلا متاع وأنّ الدار الأخرة هي دار القرار، فطوبى لمن اشترى آخرته وما فيها من الدوام بدنيا أفضل أحوالها الزوال. والعاقل من نظر في مآله ثم تدبر حاله فعلم يقيناً أنّ لذة الدنيا وما فيها ما هي إلا لذة ساعة تزول وتندثر، فوقع في قلبه الإيمان ووقر فترفع عن الحرمات والشبهات وابتعد عن الخطر، ولله در من قال: "من ترك شيئاً لله عوضه الله بخير منه". والله وعد وقال: "إنّ مع العسر يسراً" حتى ينزع تعلق العبد من الأسباب ليتعلق بالمُسبب.

إذا علمتي ذلك، فاعلمي، علمني الله وإياكي، أنّ مسألة الأخت متعلقة بها من جهتين لا بد لها من التنبه لهما حتى لا تقع في المحظور والمحذور.

أولاهما: من جهة العميل والمسألة ههنا متعلقة بالأمانة. فالعميل في الوقع إستأمن الأخت على حسابه، فأخذ كلامها على الصدق لوثوقه بها. لذا على الأخت الفاضلة أن تحفظ الأمانة التي تحملتها بدايةً وأن لا تخون من إستأمنها على أمواله وإن أدى ذلك بها إلى فقد وظيفتها، والله الرازق وليس مديرها. ولن أذكر أي من النصوص التي تتحدث عن الأمانة والتحذير من الخيانة لعلمي ويقيني أنها معلومة للجميع، لكن إن أردتي ذلك سأزيدك إن شاء الله

ثاينهما: من جهة مدير العمل والمسألة ههنا متعلقة بمسألة إنكار المنكر والذي هو فرض عين على كل مسلم، والمصطفى صلوات ربي وسلامه عليه ذكر في الحديث الصحيح المشهور أنّ بداية الإنكار يكون باليد ثم اللسان ثم بالقلب ولا ينتقل من اليد إلى اللسان و من اللسان إلى القلب إلى في حال عدم الإستطاعة. والأخت في هذا الحال تستطيع أن تنكر وتغير بيدها أو بلسانها بإخبار العميل عن الحالة فإن لم تفعل فعليها الإثم.

لذا على الأخت أن تصارح العميل بواقع الحال وتحتسب عند الله، والله الذي رزقها هذه الوظيفة في الأصل هو الوحيد القادر على إدامتها عليها أو سلبها منها، فتتأمل في حالها وتتقي الله في نفسها وفي مالها. وحالها أفضل من غيرها والعمل على الظن لا يعقل، فلا تصدر الأحكام على ما تظنه الأخت من فقدان الوظيفة وما إلى ذلك، وكما نقول هنا بالعامية: "غير كفنك ما راح توخذ معك"

ولتعلم أنّها إن أخفت الحقيقة وخانت الأمانة ورضيت بالغش حتى لا تخسر مائة دينار أو أكثر فالله الجبار الذي لا يرضى الظلم قادر على أن يبتليها بمرض يجعلها تدفع كل ما تملك حتى تتداوى أو أن يقبض روحها قبل أن تقبض قرشاً واحداً من الضمان أو حتى أن يسلب منها البركة فيجعل مصاريفها أكثر من دخلها فلا تدري أين تذهب نقودها.

فإياها والزلل والهوى فمتى رضيت بالحرام حكمت على نفسها بالهلاك دنيا وأخرة والله الغني الرزاق فلتجأ إلى الله ولا تخف في الله لومة لائم، فالله أعلم كم بقي لنا في هذه الدنيا فلتحسن النية ولتستوقف نفسها ووالله لو أعلم مكان عملها لأرشدتها إلى عائلات هنا طعامهم الخبز الذي يلتقطونه من الشارع مع الشاي فقط ومنهم من لا سقف لبيته وكل العائلة التي قد تبلغ في بعض الحالات عشرة أفراد يعيشون في في غرفة واحدة، حتى تعلم ما هي النعمة التي هي فيها وكم نحن من السذاجة أن نحرص على بعض الدنانير التي قد نفقدها بالرغم من إمتلاكنا المئات منها بينما غيرنا لا يمكلك الدينار الواحد، فوا عجبي ووا قهري يا أمة محمد يا من تطلبون شفاعته والشرب من يديه، ووالله أنّ الأمر كما قال الصادق المصدوق حين قال: "ألا أنّ سلعة الله غالية ... ألا أنّ سلعة الله الجنة" وليس الإيمان بالتمني

والله الموفق وعذراً على الإطالة

لا فض فوك يا أخي الفاضل المفضال

وجزيت خيرا

يا أبن بلدي

الحمد لله على ان اردننا يحفل بطلبة العلم امثالك

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير