تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الثاني: أنّ نساء النبي r محرّمات في النكاح على جميع المؤمنين لقوله تعالى: (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا) ([9] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn9))، ومعلومٌ أنّ ميلَ الإنسانِ لمن تحرمُ عليه –إن وُجدَ- أقلُّ من ميله إلى غيرها، وافتتانه بغير المحرمة أعظم، فكان منع الاختلاط بأمهات المؤمنين مع تحريمهن دليل على منع الاختلاط بغيرهنّ من باب أولى.

قال الطبري -رحمه الله- في تفسير الآية: (يقول: وإذا سألتم أزواج رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ونساء المؤمنين اللواتي لسن لكم بأزواج متاعًا (فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) ([10] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn10)) يقول: من وراء ستر بينكم وبينهن، ولا تدخلوا عليهن بيوتهن) ([11] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn11)).

وقال القرطبي -رحمه الله-: (في هذه الآية دليل على أن الله تعالى أذن في مسألتهن من وراء حجاب، في حاجة تعرض، أو مسألة يستفتين فيها، ويدخل في ذلك جميع النساء بالمعنى، وبما تضمنته أصول الشريعة من أن المرأة كلها عورة) ([12] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn12)).

وقال محمد الأمين الشنقيطي: (أما القرآن العظيم فمن أدلته العظيمة التي لا ينبغي العدول عنها بحال من الأحوال أن الله أنزل فيه أدباً سماوياً أدب به خير نساء الدنيا وهن نساء سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم فأمر فيه جميع الرجال أن لا يسألوهن متاعاً إلا من وراء حجاب ثم بين أن الحكمة في ذلك أن تكون قلوب كل من الجنسين في غاية الطهارة من أدناس الريبة بين الجنسين، وقد تقرر في علم الأصول أن العلة تعمم معلولها وتخصصه، والعلة في هذه الآية المتضمنة هذا الأدب السماوي الكريم الكفيل بالصيانة والعفاف وحفظ الكرامة والشرف معممة لحكم الآية الكريمة في جميع نساء المسلمين إلى يوم القيامة، وإن كان لفظها خاص بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم وذلك في قوله تعالى -: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) ([13] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn13)).

ثم بين حكمة هذا الأدب السماوي وعلته ونتيجته بقوله جل وعلا: -: (ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) ([14] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn14)).

فدل ذلك بمسلك الإيماء والتنبيه ([15] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn15)) من مسالك العلة أن علة السؤال من وراء الحجاب هي المحافظة على طهارة قلوب كل من الجنسين غاية الطهارة حيث عبر تعالى بصيغة التفضيل في قوله: (ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ).

ودل هذا التعليل بأطهرية قلوب الجنسين، أن حكم الآية عام للنساء المسلمات إلى يوم القيامة لأن أطهرية قلوبهن وقلوب الرجال من الريبة منهن مطلوبة إجماعاً فلا يصلح لقائل أن يقول المطلوب طهارة قلوب أزواج النبي r فقط وطهارة قلوب الرجال من الريبة معهن فقط بل ذلك مطلوب في جميع النساء إلى يوم القيامة كما لا يخفى فدل ذلك على أن العلة المشار إليها بقوله: (ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) مقتضية تعميم هذا الحكم السماوي النازل بهذا الأدب الكريم المقتضي كمال الصيانة والعفاف والمحافظة على الأخلاق الكريمة والتباعد من التدنس بالريبة، فسبحان من أنزله ما أعلمه بمصالح خلقه وتعليمهم ومكارم الأخلاق .... وبه يتضح أن قوله تعالى: (ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) يقتضي عموم الحكم في جميع النساء وإن كانت الآية الكريمة نازلة في خصوص أزواجه) ([16] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn16)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير