[هل من السنة حمل العصا في خطبة الجمعة؟]
ـ[اسلام سلامة علي جابر]ــــــــ[31 - 12 - 09, 09:55 م]ـ
في بعض المساجد أرى الإمام يمسك بالعصا أثناء خطبته، فهل هذا من السنة؟ بارك الله فيكم.
الجواب:
الحمد لله
اختلف الفقهاء في حكم اتكاء الخطيب على العصا ونحوها من قوس أو سيف أثناء خطبة الجمعة على قولين:
القول الأول: الندب والاستحباب، وهو مذهب جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة.
يقول الإمام مالك رحمه الله:
" وذلك مما يستحب للأئمة أصحاب المنابر، أن يخطبوا يوم الجمعة ومعهم العصي يتوكؤون عليها في قيامهم، وهو الذي رَأَيْنا وسَمِعْنا " انتهى.
" المدونة الكبرى " (1/ 151)، وهو المعتمد في كتب متأخري المالكية، كما في " جواهر الإكليل " (1/ 97)، وفي " حاشية الدسوقي " (1/ 382).
ويقول الإمام الشافعي رحمه الله:
" أحب لكل من خطب - أيَّ خطبة كانت - أن يعتمد على شيء " انتهى.
" الأم " (1/ 272)، وهو معتمد مذهب الشافعية أيضا، كما في " نهاية المحتاج " (2/ 326)، " حاشية قليوبي وعميرة " (1/ 272).
ويقول البهوتي الحنبلي رحمه الله:
" ويسن أن يعتمد على سيف أو قوس أو عصا بإحدى يديه " انتهى.
" كشاف القناع " (2/ 36)، وانظر: " الإنصاف " (2/ 397)
واستدل أصحاب هذا القول بأن الاتكاء على العصا ثابت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة، منها حديث الحكم بن حزن أن النبي صلى الله عليه وسلم قام يوم الجمعة (متوكئا على عصا أو قوس فحمد الله وأثنى عليه ... ) إلى آخر الحديث.
رواه أبو داود (1096)، قال النووي في " المجموع " (4/ 526): حديث حسن. وحسنه الألباني في " صحيح أبي داود ". وضعفه بعض أهل العلم، فقال ابن كثير في " إرشاد الفقيه " (1/ 196): ليس إسناده بالقوي.
القول الثاني: الكراهة، وهو معتمد مذهب الحنفية وإن خالف بعض فقهائهم.
قال صاحب التتارخانية - ونسبه لصاحب " المحيط البرهاني " - ما نصه:
" وإذا خطب متكئاً على القوس أو على العصا جاز، إلا أنه يكره؛ لأنه خلاف السنة " انتهى.
" الفتاوى التتارخانية " (2/ 61)
وجاء في " الفتاوى الهندية " (1/ 148) على مذهب الحنفية:
" ويكره أن يخطب متكئا على قوس أو عصا , كذا في الخلاصة , وهكذا في المحيط , ويتقلد الخطيب السيف في كل بلدة فتحت بالسيف , كذا في شرح الطحاوي " انتهى.
وفي كلام العلامة ابن القيم ما يدل على أن الاتكاء على العصا ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة على المنبر.
قال رحمه الله:
" ولم يكن يأخذ بيده سيفاً ولا غيرَه، وإنما كان يعتَمِد على قوس أو عصاً قبل أن يتَّخذ المنبر، وكان في الحرب يَعتمد على قوس، وفي الجمعة يعتمِد على عصا، ولم يُحفظ عنه أنه اعتمد على سيف، وما يظنه بعض الجهال أنه كان يعتمد على السيف دائماً، وأن ذلك إشارة إلى أن الدين قام بالسيف: فَمِن فَرطِ جهله، فإنه لا يُحفظ عنه بعد اتخاذ المنبر أنه كان يرقاه بسيف، ولا قوس، ولا غيره، ولا قبل اتخاذه أنه أخذ بيده سيفاً البتة، وإنما كان يعتمِد على عصا أو قوس " انتهى.
" زاد المعاد " (1/ 429)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" قوله: (ويعتمد على سيف أو قوس أو عصا) أي: يسن أن يعتمد حال الخطبة على سيف، أو قوس، أو عصا، واستدلوا بحديث يروى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في صحته نظر، وعلى تقدير صحته، قال ابن القيم: إنه لم يحفظ عن النبي صلّى الله عليه وسلّم بعد اتخاذه المنبر أنه اعتمد على شيء.
ووجه ذلك: أن الاعتماد إنما يكون عند الحاجة، فإن احتاج الخطيب إلى اعتماد، مثل أن يكون ضعيفاً يحتاج إلى أن يعتمد على عصا فهذا سنة؛ لأن ذلك يعينه على القيام الذي هو سنة، وما أعان على سنة فهو سنة، أما إذا لم يكن هناك حاجة، فلا حاجة إلى حمل العصا " انتهى.
" الشرح الممتع " (5/ 62 - 63)
وقد أيد الشيخ الألباني رحمه الله كلام ابن القيم، ونفى أن يكون ثبت في الأحاديث ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب على المنبر اتكأ على القوس أو العصا، وذلك في " السلسلة الضعيفة " (حديث رقم/964)
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
http://www.islamqa.com/ar/ref/142222