[هل النوافل تجبر صلوات الفرض التي لم يصلها العبد أصلا؟]
ـ[أحمد بن عباس المصري]ــــــــ[04 - 01 - 10, 02:35 ص]ـ
[هل النوافل تجبر صلوات الفرض التي لم يصلها العبد أصلا؟]
بتعبير آخر: بعض المشايخ الذين يقولون بعدم قضاء الفرائض التي تركت بلا عذر شرعي يرشدون التائب إلى الاستكثار من الاستغفار والنوافل، فهل تجبر النوافل هذه الفرائض المتروكة؟
ـ[أيمن بن خالد]ــــــــ[04 - 01 - 10, 08:10 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
يفرق أهل العلم بين من ترك الصلاة عامداً وهو يعلم ويقر بجوبها ومن فاتته الصلاة ناسياً أو سهواً.
فإتفق أهل العلم على وجوب قضاء الصلاة لمن فاتته سهواً أو بنسيان مستدلين بالحديث الصحيح عن أبي هريرة: عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها. ثم اختلف أهل العلم في فهم هذا الحديث في هذا المقام ومن ثم اختلفوا في حكم قضاء الصلاة المتعمد تركها مع العلم بوجوبها، فذكر ابن القيم أنّ قول الأئمة الأربعة هو وجوب القضاء حيث إن الأحاديث الواردة بوجوب القضاء على الناسي يستفاد من مفهوم خطابها وجوب القضاء على العامد لأنها من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى، بينما رجح بعض أهل العلم أمثال شيخ الإسلام والشوكاني عدم صحة القصاء من التارك للصلاة عمداً مع العلم بوجوبها وعليه لا يطلب منه القضاء أصلاً.
أما القول بأن النوافل تجبر الفرائض فهو قول إستدل عليه بعض أهل العلم بحديث الذي أخرجه أبو داود في سننه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن أوَّل ما يحاسب به الناس يوم القيامة من أعمالهم: الصلاة، قال: يقول ربنا - عز وجل - لملائكته: انظروا في صلاة عبدي، أتمَّها أم نقصها؟ فإن كانت تامَّة، كتبت له تامة، وإن كان انتقص منها شيئاً، قال: انظروا هل لعبدي من تطوع؟ فإن كان له تطوع، قال: أتموا لعبدي فريضته من تطوعه، ثم تؤخذ الأعمال على ذلك))
قَالَ الْعِرَاقِيّ فِي شَرْح التِّرْمِذِيّ: هَذَا الَّذِي وَرَدَ مِنْ إِكْمَال مَا يُنْتَقَص الْعَبْد مِنْ الْفَرِيضَة بِمَا لَهُ مِنْ التَّطَوُّع يَحْتَمِل أَنْ يُرَاد بِهِ مَا اِنْتَقَصَ مِنْ السُّنَن وَالْهَيْئَات الْمَشْرُوعَة الْمُرَغَّب فِيهَا مِنْ الْخُشُوع وَالْأَذْكَار وَالْأَدْعِيَة وَأَنَّهُ يَحْصُل لَهُ ثَوَاب ذَلِكَ فِي الْفَرِيضَة وَإِنْ لَمْ يَفْعَلهُ فِي الْفَرِيضَة وَإِنَّمَا فَعَلَهُ فِي التَّطَوُّع، وَيَحْتَمِل أَنْ يُرَاد مَا تَرَكَ مِنْ الْفَرَائِض رَأْسًا فَلَمْ يُصَلِّهِ فَيُعَوَّض عَنْهُ مِنْ التَّطَوُّع، وَاَللَّه تَعَالَى يَقْبَل مِنْ التَّطَوُّعَات الصَّحِيحَة عِوَضًا عَنْ الصَّلَاة الْمَفْرُوضَة وَلِلَّهِ سُبْحَانه أَنْ يَفْعَل مَا شَاءَ، فَلَهُ الْفَضْل وَالْمَنّ، بَلْ لَهُ أَنْ يُسَامِح وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ شَيْئًا لَا فَرِيضَة وَلَا نَفْلًا.
والراجح في فهم الحديث ما ذكره العراقي أولاً، لكنّ رحمة الله واسعة
والله أعلم
ـ[أحمد بن عباس المصري]ــــــــ[04 - 01 - 10, 09:41 م]ـ
جزاك الله خيرا، ورحم الله الحافظ العراقي ...
ـ[ابو العز النجدي]ــــــــ[05 - 01 - 10, 08:24 ص]ـ
قال ابن عبد البر في التمهيد (24/ 81)
قال أبو عمر بن عبد البر في كتاب " التمهيد " أما إكمال الفريضة من التطوع فإنما يكون - والله أعلم - فيمن سها عن فريضة فلم يأت بها، أو لم يحسن ركوعها وسجودها ولم يدر قدر ذلك وأما من
تركها، أو نسي ثم ذكرها فلم يأت بها عامدا واشتغل بالتطوع عن أداء فرضها وهو ذاكر له فلا يكمل له فريضة من تطوعه والله أعلم.
وقد رُوى من حديث الشاميين في هذا الباب حديث منكر يرويه محمد بن حِمْير عن عمرو بن قيس السكوني عن عبد الله بن قرط عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى صلاة لم يكمل فيها ركوعه وسجوده زيد فيها من تسبيحاته حتى تتم).
قال أبو عمر: وهذا لا يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه وليس بالقوي وإن كان صح كان معناه أنه خرج من صلاة كان قد أتمها عند نفسه وليست في الحكم بتامة
وقال القرطبي في تفسيره
فينبغي للانسان أن يحسن فرضه ونفله حتى يكون له نفل يجده زائدا على فرضه يقرِّبه من ربه كما قال سبحانه وتعالى: (وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه " الحديث.
فأما إذا كان نفل يكمل به الفرض فحكمه في المعنى حكم الفرض.
ومن لا يحسن أن يصلي الفرض فأحرى وأولى ألا يحسن التنفل لا جرم تنفل الناس في أشد ما يكون من النقصان والخلل لخفته عندهم وتهاونهم به حتى كأنه غير معتد به.
ولعمر الله لقد يشاهد في الوجود من يشار إليه ويظن به العلم تنفله كذلك بل فرضه إذ ينقره نقر الديك لعدم معرفته بالحديث فكيف بالجهال الذين لا يعلمون.
وقد قال العلماء: ولا يجزئ ركوع ولا سجود ولا وقوف بعد الركوع ولا جلوس بين السجدتين حتى يعتدل راكعا وواقفا وساجدا وجالسا.
وهذا هو الصحيح في الاثر وعليه جمهور العلماء وأهل النظر.
وهذه رواية ابن وهب وأبي مصعب عن مالك.
وإذا كان هذا فكيف يكمل بذلك التنفل ما نقص من هذا الفرض على سبيل الجهل والسهو؟!
بل كل ذلك غير صحيح ولا مقبول لانه وقع على غير المطلوب والله أعلم.
انتهى كلام القرطبي
¥