قلت: وفي هذا دلالة لطيفة على أن الحرمة للأشياء المذكورة جاءت بالتفصيل لا بالإجمال، كما سيأتي بعدها إن شاء الله في الرد على المخالفين 0
• وقوله ? (نهى عن كسب الزمارة) 0
الزمارة هى التي يتغنى بها وتسمى في اليمن أو الشام القصبة (3) 0
جاء في لسان العرب (4) "000 عني في القصب "، وجاء في المعجم الوسيط: " آلة من قصب، أو معدن، تنتهي قصبتها ببوق صغير "0
وجهة الدلالة على الحرمة:
أن النبي ? نهى عن كسب المال من وراء هذه الحرفة، وأنه كسب خبيث تجنبه كما جاء في الحديث الصحيح " إن الله إذا حرم شيئاً حرَّم ثمنه "0
(1) 5/ 268 0
(2) ص 84 0
(3) كتاب تحريم الزد والشطرنج والملاهي لأبي بكر محمد بن الحسين الآجري، المتوفي سنة 365 هـ 0
(4) 2/ 44 ترتيب الخياط 0
وأما قوله ?: " إني لم أنه عن البكاء، ولكن نهيت عن صوتين أحمقين 000 الحديث " 0
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في " الإستقامة ": " 000 فنهى عن الصوت الذي يفعل عند النعمة، كما نهى ? عن الصوت الذي يفعل عند المصيبة، والصوت عند النعمة هو صوت الغناء " (1) 0
وقال ابن القيم: " فانظر إلى هذا النهي المؤكد، بتسميته صوت الغناء صوتاً أحمق، ولم يقتصر على ذلك حتى وصفه بالفجور، ولم يقتصر على ذلك حتى سماه من مزامير الشبطان "0
ثم قال: " وقد اختلف في قوله " لا تفعل " وقوله " نهيت عن كذا " أيتهما أبلغ في التحريم؟ " 0
والصواب بلا ريب: أن صيغة " نهيت " أبلغ في التحريم، لأن " لاتفعل " تحتمل النهى وغيره بخلاف الفعل الصريح 0
(1) الإستقامة: 1/ 292 ـ 293 0
(2) إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان: 1/ 403 ط المكتب الإسلامي، تحقيق محمد عفيفي0
• أدلة من يرون جواز الغناء مطلقاً (1):
• الدليل الأول:
قال ابن حزم في مسألة بيع آلات اللهو: " لم يأت نص بتحريم جميع شيء في ذلك 00 واجتح المانعون بآثار لاتصح أو يصح بعضها، ولا حجة لهم فيها 000 " (2) 0 وقال " ولا يصح في هذا الباب شيئ أبداً، وكل مافيه موضوع 000 " (3) 0
وقال ابن العربي: " 000 هذه الأحاديث التي أوردناها لايصح منها شيء بحال، لعدم ثقة ناقليها إلى مَنْ ذكر من الأعيان منها " 0
وبالتالي، فإن الغناء باق على الأصل الذي هو الإباحة، مالم يأت دليل صحيح على تحريمه 0 لاسيما أن هناك أدلة تثبت هذا الأصل وتبقيه عليه وهى صحيحة، ولعل أكثر حديث عضوا عليه بالنواجذ القائلون بالإباحة هو حديث عائشة ـ رضى الله تعالى عنها ـ نصه:
عن عائشة ـ رضى الله تعالى عنها ـ أم المؤمنين قالت: " دخل علي رسول الله ? وعندي جاريتان تغنيان بغناء بُعاث فاضطجع على الفراش وحول وجهه، وجاء أبو بكر فانتهرني، وقال: مزمارة الشيطان عند رسول الله! فأقبل
(1) الذي اشتهر بجواز الغناء مطلقاً هو الإمام أبو محمد علي بن أحمد المعروف بإبن حزم الظاهري الأندلسي، المتوفي سنة 456 هـ، وتابعه محمد بن طاهر بن علي بن أحمد بن أبي الحسن الشيباني ـ أبوالفضل المقدسي ـ المعروف بإبن القيسراني المتوفي سنة 507 هـ في كتابه " كتاب السماع " ـ ومن العجيب القول، ومن خلال بحثي وجدتُ مَنْ نحى نحوها الإمام الجليل أبي بكر محمد بن عبدالله المعروف بإبن العربي المتوفي سنة 543 هـ ـ في تفسير قوله تعالى: ? ومَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ 000 ? 0
(2) المحلى: ص 55 0
(3) المحلى: ص 59 0
عليه رسول الله ? فلقال: " دعهما "، فلما غفل غمزتهما فخرجنا 0 وكان يوم عيد يلعب فيه السودان بالدرق والحراب، فأما سألت رسول الله ? وأما قال: " أتشتهين تنظرين؟ قلتُ: نعم، فأقامني وراءه خدي على خده وهو يقول " دونكم نبي ارفوة " حتى إذا مللت قال:" حسبك؟ " قال: " فاذهبي "0
• وجهة دلالة الحديث:
فال ابن حزم (1): " إنهما كانتا تغنيان، فالغناء منها قد صح، وقولها ليستا بمغنيتين، أى ليستا بمحسنتين، وهذا كله لاحجة فيه، إنما الحجة في إنكاره ? على أبي بكر قوله أمزمار الشيطان عند رسول الله ?، فصح أنه مباح مطلق لا كراهة فيه "0
¥