هل يجوز شراء أشياء مصنوعة من جلد حيوان ذُبح بغير الطريقة الشرعية؟
ـ[اسلام سلامة علي جابر]ــــــــ[08 - 01 - 10, 05:16 م]ـ
هل يجوز شراء أشياء مصنوعة من جلد حيوان ذُبح بغير الطريقة الشرعية؟
أعرف أن هناك الكثير من الأسئلة التي طرحت في هذا الموقع حول " جلود الحيوانات "، فهل يجوز شراء كرة القدم، أو كرة السلة، واللعب بها، والتي قد تكون قد صنعت من جلد حيوان في بلد لا تذبح فيه اللحوم وفق الشرع؟.
الجواب:
الحمد لله
الجلود التي يُصنع منها كرة القدم أو السلة لا يمكن أن تكون إلا مدبوغة، والدباغة هي: معالجة الجلود بمنظفات ومطهرات ليزول ما بها من نتن وفساد ورطوبة، وهذا ما نراه في واقع الحال، ولمعرفة حكم شراء تلك الأشياء ينبغي معرفة الحيوان الذي صنعت من جلده، وهو لا يخلو من أن يكون جائزاً أكله، أو لا يحل أكله.
أ. فإن كانت تلك الأشياء مصنوعة من جلد حيوان مأكول اللحم – كالبقر -: فإن الدباغة تبيح جلده، ولو أنه ذُبح بالشروط الشرعية لما احتاج إلى دباغة، أما وقد ذبحوه مخالفين لشرع الله تعالى: فإنه يكون ميتة، ولا تباح جلد ميتة مأكول اللحم إلا بالدباغة.
ب. وإن كانت تلك الأشياء مصنوعة من جلد حيوان غير مأكول اللحم أصلاً – كالخنزير -: فإن جلده محرَّم استعماله ولو دُبغ.
فالحيوان المأكول اللحم: تحل الذكاة لحمه وجلده، وتحل الدباغة جلده إن كان ميتة.
والحيوان غير مأكول اللحم: لا تحل الذكاة لحمه وجلده، ولا تحل الدباغة جلده.
وهذا هو مذهب الأوزاعي وعبد الله بن المبارك وأبي ثور وإسحق بن راهويه، وهو رواية عن الإمام أحمد، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في أحد قوليه.
انظر: " شرح مسلم للنووي " (4/ 54) – وقد ذكر – رحمه الله – سبعة مذاهب في المسألة -، " الفروع " لابن مفلح (1/ 102)، " مجموع الفتاوى " لابن تيمية (21/ 95).
واختار هذا القول: جمع من العلماء المعاصرين.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -:
وقيل: إن جلد الميتة يطهر بالدباغ بشرط أن تكون الميتة مما تُحله الذكاة، وأما ما لا تحله الذكاة: فإنه لا يطهر، وهذا القول هو الراجح، وعلى هذا: فجلد الهرة وما دونها في الخِلقة لا يطهر بالدباغ.
فمناط الحكم هو على طهارة الحيوان في حال الحياة، فما كان طاهراً: فإنه يباح استعمال جلد ميتته بعد الدبغ في يابس، ولا يطهر على المذهب، وعلى القول الثاني: يطهر، وعلى القول الثالث: يطهر بالدباغ إذا كانت الميتة مما تحله الذكاة.
والراجح: القول الثالث، بدليل أنه جاء في بعض ألفاظ الحديث: " دباغها ذكاتها " - رواه النسائي (4243)، وصححه الحافظ ابن حجر في " التلخيص الحبير " (1/ 49) - فعبَّر بالذكاة، ومعلوم أن الذكاة لا تطهِّر إلا ما يباح أكله، فلو أنك ذبحتَ حماراً وذكرتَ اسم الله عليه وأنهر الدم: فإنه لا يسمَّى ذكاة.
وعلى هذا نقول: جلد ما يحرم أكله، ولو كان طاهراً في الحياة: فإنه لا يطهر بالدباغ، والتعليل: أن الحيوان الطاهر في الحياة إنما جُعل طاهراً لمشقة التحرز منه لقوله صلى الله عليه وسلم " إنها من الطوافين عليكم والطوافات " - أي: الهرة، والحديث رواه الترمذي (92) وأبو داود (75) والنسائي (68) وابن ماجه (368) وصححه البخاري والترمذي والدارقطني والعقيلي كما قال ابن حجر في " التلخيص الحبير " (1/ 41) - وهذه العلة تنتفي بالموت، وعلى هذا يعود إلى أصله وهو النجاسة، فلا يطهر بالدباغ.
فيكون القول الراجح: كل حيوان مات وهو يؤكل: فإن جلده يطهر بالدباغ، وهذا أحد قولي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وله قول آخر يوافق قول مَن قال: إن ما كان طاهراً في الحياة: فإن جلده يطهر بالدبغ.
" الشرح الممتع " (1/ 74، 75).
والخلاصة:
أنه يجوز لك شراء كرة القدم أو كرة السلة المصنوعتين من جلد حيوان مأكول اللحم، وما ذبح منها بغير الطريقة الشرعية، أو مات حتف أنفه من غير ذكاة أصلاً، فإن دباغة جلودها تجعلها طاهرة، لحديث زيد بن ثابت رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (دباغ جلود الميتة طهورها). رواه ابن حبان (1290) والدارقطني (25)،، وصححه الألباني.
وانظر جوابي السؤالين: (9022) و (1695).
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب