فإذا كان الأمر كما قال، فلماذا صدر مقاله السابق بذكر بحث المشاري والإشادة به بمثل ذلك التهويل، وأغفل ذكره هنا؟
وقد ذكر المشاري أنه اعتمد في بحثه على بعض الباحثين.
فتبين من هذا أن تلك المقالات عبارة عن تجميع وتلفيق لما كتبه بعض الباحثين (المجهولين)! تبناها أولا،
المشاري ثم الغامدي.
فكيف يرضى لنفسه أن يقلد _ في الخطأ والباطل _ أولئك المجهولين، وينعي على غيره في متابعتهم _ في الحق والصواب _ لأئمة المسلمين؟!
* تنبيه: ذكر " المختلط " في مقاله السابق حديث أبي سعيد الخدري
" خير صفوف الرجال أولها " الحديث
وقال " أخرجه أبو يعلى، وإسناده صحيح ".
قلت: أولا: هذا الحديث بهذا اللفظ أخرجه مسلم وأصحاب السنن، من حديث أبي هريرة. انظر جامع الأصول [5/ 606].
ثانيا: وأما حديث أبي سعيد في مسند أبي يعلى [2/ 354]، فهو بلفظ
" خير صفوف الرجال المقدم، وشرها المؤخر. . ".
قلت: فمن كان هذا مبلغ علمه في البحث والتخريج، كيف يصح أن يحشر أنفه في الجرح والتعديل، ونقد الأسانيد، ويرمي غيره بالجهل والتعصب والتقليد؟
* * * * * *
ومن هنا تعلم أخي القارئ أن هؤلاء المخلطين موغلون في الجهل، وأنهم
لا حظ لهم من العلم إلا الثرثرة والتلبيس على العوام، وأن ادعاءهم بأن مخالفيهم متعصبون ومقلدون وكاتمون للحق .. الخ. إنما يقصدون به منع هذه الأمة من اتباع هدي سلفها، والتشكيك في فقه أئمتها وفهم علمائها، حتى يتسنى لهم نشر جهالاتهم وضلالاتهم.
وقد سبقهم إلى تلك الدعاوى الباطلة كل الفرق الضالة.
فالخوارج زعموا أنهم أهل للاجتهاد والاستقلال بفهم النصوص، دون الرجوع إلى فقه الصحابة والسلف.
والرافضة كفرت الصحابة الأخيار، وطعنت في رواة الأحاديث والآثار.
والجهمية رموا سلف الأمة وعلماءها بالجهل، ووصفوهم بأنهم " نابتة و حشوية ".
* وكذلك العلمانيون المعاصرون، ومن قلدهم من المخالفين، ما تركوا وصفا مقيتا إلا أطلقوه على علماء الأمة وخيارها، فهم في نظرهم: مقلدة، متعصبة، متشددة، متخلفة، مشككة في نيات العامة، معادون للمرأة منتهكون لحقوقها!
قال الله تعالى {زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة}
وقال الشاعر:
إذا وصف الطائي بالبخل مادر &
وعير قسا بالفهاهة باقل
وطاولت الأرض السماء سفاهة &
وفاخرت الشهب الحصا والجنادل
وقال السهى للشمس أنت ضئيلة &
وقال الدجى يا صبح لونك حائل
فيا موت زر إن الحياة مريرة &
ويا نفس جدي إن دهرك هازل
* * * * * * *
وبعد، فإني قد أطلت كثيرا في الرد على ما ذكره الغامدي في تعقيبه على من رد عليه، ولم أرد الإطالة، ولكن هذا المتحاذق قد دأب على قذف الشبه بكلام لا يمت إلى العلم ولا للأدب بصلة، فأردت أن أبين للقراء مبلغ جهله، وأفند بعض شبهاته.
هذا وأسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقا ويلهمنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلا ويلهمنا اجتنابه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وكتب: سمير المالكي
جوال 0591114011
20/ 1 / 1431 هجرية.