تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذا هو الموقف الذي يجب أن يتخذه المؤمن في هذا الصدد: الإيمان بما جاء في الحديث دون الزيادة عليه بالأقيسة والآراء، كما يفعل أهل البدع الذين وصل الأمر ببعضهم إلى ادِّعاء أن حياته صلى الله عليه وسلم في قبره حياة حقيقية! قال: يأكل و يشرب ويجامع نساءه!! وإنما هي حياة برزخية لا يعلم حقيقتها إلا الله سبحانه وتعالى.

" السلسلة الصحيحة " (2/ 120).

وانظر جواب السؤال رقم (26117 ( http://islamqa.com/ar/ref/26117) ) .

رابعاً:

هل كان التقاء النبي صلى الله عليه وسلم بإخوانه الأنبياء بأجسادهم مع أرواحهم، أم بأرواحهم دون أجسادهم؟ قولان لأهل العلم.

قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله -:

وقد استشكل رؤية الأنبياء في السماوات، مع أن أجسادهم مستقرة في قبورهم بالأرض، وأجيب: بأن أرواحهم تشكلت بصور أجسادهم، أو أحضرت أجسادهم لملاقاة النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة تشريفاً له وتكريماً.

" فتح الباري " (7/ 210).

والراجح: أنه التقى أرواحهم متشكلة بصور أجسادهم، باستثناء عيسى عليه السلام، حيث رُفع بروحه وبدنه، وثمة خلاف في " إدريس " عليه السلام والراجح أنه ملتحق بباقي إخوانه الأنبياء لا بعيسى عليه السلام.

فالأنبياء عليهم السلام أبدانهم في قبورهم، وأرواحهم في السماء، فما قدَّره الله تعالى لهم من اللقاء بالنبي صلى الله عليه وسلم إنما هو بأرواحهم المتشكلة بصورة أجسادهم الحقيقية، وهو ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية والحافظ ابن رجب وآخرون.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:

وأما رؤيته – أي: رؤية موسى عليه السلام - ورؤية غيره من الأنبياء ليلة المعراج في السماء، لما رأى آدم في السماء الدنيا، ورأى يحيى وعيسى في السماء الثانية، ويوسف في الثالثة، وإدريس في الرابعة، وهارون في الخامسة، وموسى في السادسة، وإبراهيم في السابعة، أو بالعكس: فهذا رأى أرواحَهم مصوَّرة في صور أبدانهم.

وقد قال بعض الناس: لعله رأى نفس الأجساد المدفونة في القبور؛ وهذا ليس بشيء.

" مجموع الفتاوى " (4/ 328).

وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي – رحمه الله -:

والذي رآه في السماء من الأنبياء عليهم السلام: إنما هو أرواحهم، إلا عيسى، فإنه رفع بجسده إلى السماء.

" فتح الباري " (2/ 113).

وهو ترجيح أبي الوفاء بن عقيل، كما نقله عنه الحافظ ابن حجر، والظاهر أنه قول الحافظ نفسه، وقد ردَّ على بعض شيوخه في تبنيهم للقول الآخر، حيث قال – رحمه الله -.

اختلف في حال الأنبياء عند لقي النبي صلى الله عليه وسلم إياهم ليلة الإسراء: هل أسري بأجسادهم لملاقاة النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة؟ أو أن أرواحهم مستقرة في الأماكن التي لقيهم النبي صلى الله عليه وسلم، وأرواحهم مشكَّلة بشكل أجسادهم كما جزم به أبو الوفاء بن عقيل؟ واختار الأول بعض شيوخنا، واحتج بما ثبت في مسلم عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رأيت موسى ليلة أسري بي قائماً يصلِّي في قبره) فدل على أنه أسري به لما مر به.

قلت: وليس ذلك بلازم، بل يجوز أن يكون لروحه اتصال بجسده في الأرض، فلذلك يتمكن من الصلاة، وروحه مستقرة في السماء.

" فتح الباري " (7/ 212).

وقد بيَّن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه ليس باستطاعة بدن موسى عليه السلام ولا غيره أن ينتقل من مكان لآخر، بل هذه حال الروح، فلذا عندما رأى النبي صلى الله عليه وسلم موسى عليه السلام يصلِّي في قبره، ثم رآه في بيت المقدس، ثم في السماء السادسة: فليس ذلك الانتقال إلا لروحه عليه السلام دون بدنه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:

ومعلوم أن أبدان الأنبياء في القبور، إلا عيسى وإدريس، وإذا كان موسى قائماً يصلِّي في قبره ثم رآه في السماء السادسة مع قرب الزمان: فهذا أمر لا يحصل للجسد.

" مجموع الفتاوى " (5/ 526، 527).

قال الشيخ صالح آل الشيخ – حفظه الله -:

والأظهر من القولين عندي: أنَّ ذلك كان بالأرواح دون الأجساد، خلا عيسى عليه السلام؛ وذلك أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم حين التقى بالأنبياء وصلُّوا معه صلى الله عليه وسلم:

- إما أن يُقال: صَلَّوا معه بأجسادهم، وقد جُمِعَت أجسادهم له من القبور، ثم رَجعت إلى القبور وبقيت أرواحُهم في السماء.

- وإما أن يُقال: هي بالأرواح فقط؛ لأنَّهُ لقيهم في السماء.

ومعلوم أنَّ الرّفع إنما خُصَّ به عيسى عليه السلام إلى السماء رَفْعاً حيّاً، وكونهم يُرْفَعُون بأجسادهم وأرواحهم إلى السماء دائماً ولا وجود لهم في القبور: هذا لا دليل عليه، بل يخالف أدلة كثيرة: أنَّ الأنبياء في قبورهم إلى قيام الساعة.

فمعنى كونهم ماتوا ودُفنوا: أنَّ أجسادهم في الأرض، وهذا هو الأصل.

ومن قال بخلافه قال: هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم أنه بُعِثَتْ له الأنبياء فَصَلَّى بهم ولقيهم في السماء.

وهذه الخصوصية لابدَّ لها من دليل واضح، وكما ذكرتُ فالدليل التأمُّلي يعارضه.

وعلى كلٍّ: هما قولان لأهل العلم من المتقدمين والمتأخرين.

" شرح العقيدة الطحاوية " (شريط رقم 14).

والله أعلم

الإسلام سؤال وجواب

http://www.islamqa.com/ar/ref/145405

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير