وليس هو بمخالف للقرآن بوجه من الوجوه خلافاً لما توهمه بعضهم؛ فإن الحديث يفصل كيفية الخلق على وجه الأرض وأن ذلك كان في سبعة أيام، ونص القرآن على أن خلق السماوات والأرض كان في ستة أيام لا يعارض ذلك؛ لاحتمال أن هذه الأيام الستة غير الأيام السبعة المذكورة في الحديث، وأنه - أعني الحديث - تحدث عن مرحلة من مراحل تطور الخلق على وجه الأرض حتى صارت صالحة للسكنى، ويؤيده: أن القرآن يذكر أن بعض الأيام عند الله تعالى كألف سنة، وبعضها خمسون ألفا، فما المانع من أن تكون الأيام الستة من هذا القبيل؟ والأيام السبعة من أيامنا هذه كما هو صريح الحديث، وحينئذ فلا تعارض بينه وبين القرآن.
" مشكاة المصابيح " (3/ 1597).
رابعا:
على كلا القولين، ليس هناك معارضة بين عدد الأيام التي خلق الله فيها السموات والأرض وأنها ستة، وبين خلق آدم في يوم الجمعة؛ أما على القول الأول، وأن يوم الجمعة داخل في الأيام الستة فهو واضح ولا إشكال، وأما على القول الثاني فإن خلق آدم ليس داخلا في " السموات " و " الأرض "، كما هو الحال في خلق " الملائكة " و " إبليس " و " الشياطين "، بل إن ظاهر القرآن أن خلق السموات والأرض وما بينهما كان قبل خلق ذلك كله.
قال الطاهر بن عاشور – رحمه الله -:
واعلم أن الله تعالى خلق السماوات والأرض قبل أن يخلق لهما سكانَهما كما دل عليه قوله: (قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ ... ).
" التحرير والتنوير " (15/ 343).
رابعاً:
قول الأخ السائل "، ثم خلق محمداً صلى الله عليه وسلم بعد عشرة أجيال من ذلك الحين ": غير صحيح، وخاصة على قوله " عمر الجيل الواحد ثلاثون سنة "! فالمدة بين آدم عليه السلام وولادة النبي صلى الله عليه وسلم لا تعرف على وجه التحديد، وقد ذكرنا هذه المسألة بتفصيل سؤال في جواب السؤال رقم (20907 ( http://islamqa.com/ar/ref/20907) ) فلينظر.
خامساً:
ما ورد في السؤال من " أن عمر الجيل الواحد ثلاثون سنة ... ": غير صحيح، فنوح عليه السلام مكث في قومه يدعوهم ألف سنة إلا خمسين عاماً، فكم يكون إذن عمر ذلك الجيل؟!.
وما بني عليه بعده من حساب ليس بصحيح، وهو قولك " سينتج لدينا أن الله خلق السموات والأرض فقط منذ 4137 سنة أو عدد مقارب لهذا ".
على أن هناك أمرا آخر، ربما كان له مدخل فيما ذكر الإشكال، وهو الخلط بين عمر الأرض وعمر الإنسان؛ وهو خطأ بين؛ فالأرض مخلوقة قبل الإنسان، وحساب المدة بين آدم عليه السلام وبين وقتنا الحالي ـ إذا افترضنا أن ذلك ممكن لنا على وجه الدقة، أو حتى التقريب ـ: لا يعني أن هذا هو عمر الأرض، فليتنبه لهذا، ولا يُخلط بين الأمرين.
وإذا كان عسيراً على الباحثين ضبط عمر الإنسان بين آدم ومحمد عليهما السلام، فإن ضبط عمر الأرض أعسر، ولذلك اختلف المعاصرون في عمرها اختلافاً يدل على أن الأمر ليس فيه غلبة ظن، ولا قريب من ذلك، وأما القطع واليقين فهو أبعد شيء عن الواقع، فقد قال بعضهم إن عمر الأرض 3 بلايين سنة، وقال آخرون 4,5 بليون سنة! وقال فريق ثالث إن عمرها يتجاوز 13 بليون سنة! وكلها تخرصات ليس هناك دليل قاطع على صحتها.
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
http://www.islamqa.com/ar/ref/145806