[حدود تدخل الوالدين في زواج ابنهم (من موقع الإسلام سؤال وجواب)]
ـ[أحمد بن عباس المصري]ــــــــ[14 - 01 - 10, 08:37 ص]ـ
ما هي حدود تدخل الوالدين في زواج ابنهم؟ وهل يأثم إن خالف رغبتهما؟
السؤال: تعرفت على فتاة أسلمت حديثاً (كانت نصرانية)، واتفقنا على الزواج، لكن أسرتي تمانع ذلك بشدة.
الإجابة:
الحمد لله
أولاً:
نرجو أن تنتبه لما فعلتَه من مخالفات شرعية من التعرف على تلك الفتاة الأجنبية عنك، ومخاطبتك لها، ومصاحبتها، وغير ذلك من التقصير الذي تعترف به، واعلم أن هذه المعاصي تقتضي منك: الإقلاع عنها، والندم عليها، والعزم على عدم العود لها، مع الإكثار من الاستغفار والأعمال الصالحة.
وبخصوص علاقتك بتلك الفتاة: فلا يحل لك محادثتها، أو رؤيتها، فضلاً عن مصاحبتها والخلوة بها، ومن الجيد لك ولها أنكما فكرتما في الزواج، فهو الوسيلة الوحيدة لجمعك بها جمعاً شرعيّاً، فابذل وسعك فيه، فإن لم يتيسر لك: فلا تُبقِ لتلك العلاقة أثراً، ولعلَّ الله تعالى أن يعوضك خيراً منها، ويعوضها خيراً منك.
وقد سبق ذكرنا لمسألة تحريم المراسلة بين الجنسين في جوابي السؤالين: (26890 ( http://www.islam-qa.com/index.php?ref=26890&ln=ara) ) و (10221 ( http://www.islam-qa.com/index.php?ref=10221&ln=ara) ) فلينظرا.
وفي التعلق المحرم وآثاره والزواج من المتعلَّق به: يُراجع جواب السؤال رقم (47405 ( http://www.islam-qa.com/index.php?ref=47405&ln=ara) ) .
ثانياً:
بالنسبة لاعتراض أسرتك على التزوج بها: فاعلم أن علاقة الوالدين بزواج ابنهم لها صور متعددة، ومنها:
1. عدم موافقتهم على أي فتاة يختارها لنفسه زوجة.
2. عدم موافقتهم على فتاة يختارها، لكن عدم موافقتهم تكون لأسباب شرعية، كأن تكون سيئة السمعة، أو تكون على غير دين الإسلام – وإن كان نكاح الكتابية جائز في أصله -.
3. عدم موافقتهم على فتاة يختارها لا لأسباب شرعية، بل لأسباب شخصية، أو دنيوية، كنقص جمالها، أو حسبها ونسبها، وقلبه غير متعلق بها، ولا يخشى على نفسه لو ترك التزوج بها.
4. الصورة السابقة نفسها، لكنَّ قلبه متعلق بها، ويخشى على نفسه الفتنة لو أنه ترك التزوج بها.
5. إجباره على فتاة يختارونها له، ولو كانت ذات دين وجمال.
والذي يظهر لنا من حكم تلك الصور السابقة: أنه يجب على الابن طاعة والديه في الصورتين الثانية والثالثة، ويتأكد الوجوب في الصورة الثانية، ففي الصورة الثانية الأمر فيها واضح، وطاعتهما ملزمة؛ لأنه سيقدم على أمرٍ فيه شر لابنهم وقد ينتشر ليصيبهم، وفي الصورة الثالثة: الأمر فيها مباح له، وطاعتهما واجبة، فيقدم الواجب على المباح.
وأما الصورة الأولى والرابعة والخامسة: فلا يظهر أنه يجب عليه طاعتهما؛ فاختيار الزوجة من حق الابن، وليس من حق والديه، ويمكنهم التدخل في بعض الحالات، لا فيها كلها، فمنعُه من التزوج بأي فتاة يختارها بغض النظر عن كونها متدينة أم لا: تحكم لا وجه له، ولا يلزمه طاعتهما.
وكذا لو تعلق قلبه بامرأة، وخشي على نفسه الفتنة لو أنه لم يتزوج بها: فهنا لا تلزمه طاعتهما إذا أمراه بتركها، وعدم التزوج بها؛ لما يؤدي ذلك إلى شر وفتنة جاءت الشريعة لدرئهما عنه.
ويتأكد عدم طاعتهما في الصورة الخامسة، وهي أن يلزماه بفتاة هم يختارونها، وهذا ليس مما يلزمه طاعتهما فيه، وهو بمنزلة الطعام والشراب، فهو يختار ما يشتهي ليأكله ويشربه، وليس لهما التحكم في ذلك.
قال ابن مفلح الحنبلي رحمه الله:
ليس للوالدين إلزام الولد بنكاح من لا يريد، قال الشيخ تقي الدين رحمه الله (أي: ابن تيمية): إنه ليس لأحد الأبوين أن يلزم الولد بنكاح من لا يريد، وإنه إذا امتنع لا يكون عاقا، وإذا لم يكن لأحد أن يلزمه بأكل ما ينفر منه مع قدرته على أكل ما تشتهيه نفسه: كان النكاح كذلك، وأولى، فإن أَكْلَ المكروه مرارة ساعة، وعِشْرة المكروه من الزوجين على طول، تؤذي صاحبه، ولا يمكنه فراقه. انتهى كلامه.
" الآداب الشرعية " (1/ 447).
وعليه نقول:
¥