(5) ومن تلك الأساليب أيضا التنصير عن طريق التعليم: وذلك إما بإنشاء المدارس والجامعات النصرانية صراحة، أو بفتح مدارس ذات صبغة تعليمية بحتة في الظاهر، وكيد نصراني في الباطن، مما جعل فئاما من المسلمين يلقون بأبنائهم في تلك المدارس؛ رغبة في تعلم لغة أجنبية، أو مواد خاصة أخرى، ولا تسل بعد ذلك عن حجم الفرصة التي يمنحها المسلمون للنصارى حين يهدونهم فلذات أكبادهم في سن الطفولة والمراهقة حيث الفراغ العقلي، والقابلية للتلقي، أيا كان الملقِي!! وأيا كان الملقَى!!.
والتنصير في التعليم العالي:وذلك ببعث البعثات التي تنشئ الكليات والجامعات والمعاهد العليا في المجتمع المسلم. وأقرب مثال على ذلك وجود الجامعات الأمريكية والفرنسية التي ثبت عملها في مجالات التنصير، بين المسلمين ومجالات خدمة الوجهة الغربية، كالعمل الاستخباري لصالح الحكومات التي تدعم هذه المؤسسات التعليمية العليا. وتخرج الجامعات مجموعات كبيرة من أبناء المسلمين يكون لها زمام المبادرة في شغل المناصب العليا ذات التأثير الإداري والثقافي والأدبي والسياسي، بل والديني أحيانا. وتُلمَّع هذه المجموعة المتخرجة من الجامعات الأجنبية، وتُعطى الهالة الإعلامية، وتساند بعضها في المناسبات العلمية والثقافية والأدبية وغيرها.
ومن وسائل التنصير في التعليم محاربة اللغة العربية، وإنشاء المدارس الأجنبية , والعمل على فشو اللهجات المحلية، ومحاولة إحلال الحروفاللاتينية محل الحروف العربية في الكتابة، كما حدث في تركيا.
(6) ومن أساليبهم كذلك التنصير عبر وسائل الإعلام: وذلك من خلال الإذاعات الموجهة للعالم الإسلامي، إضافة إلى طوفان البث المرئي عبر القنوات الفضائية في السنوات الأخيرة، فضلا عن الصحف والمجلات والنشرات الصادرة بأعداد هائلة. .
يحصي كرم شلبي أكثر من خمس وثلاثين محطة إذاعة منتشرة حول العالم، ومنها إذاعة الفاتيكان التي ثبت إرسالها بأكثر من سبع وأربعين لغة أربع وثلاثون منها أساسية، وثلاث عشرة لغة تستخدم في مناسبات خاصة: ويزيد عدد الساعات المبثوثة باللغة العربية عن ألف وخمس مائة (1500) ساعة في الأسبوع، (ما يقرب من ثمانين ألف 80.000) ساعة في السنة (5).
وهناك وسائل تنصيرية إعلامية غير صريحة تأتي ضمن المسلسلات والأفلام والبرامج الوثائقية والتعليمية، التي تطبع دائما بنمط العيش الغربي بما فيه من ثقافة وممارسات دينية لا تخلو منها المصطلحات والأمثال والسلوكيات. حتى أفلام الصور المتحركة (الكرتون) الموجهة للأطفال تصبغ بهذه الصبغة التي تشعر المتابع أحيانا أنها مقصودة متعمدة. وتعمد إلى تأليف المشاهدين والمستمعين والقرّاء على الثقافة الغربية، التي لم تستطع التخلص من التأثير الديني عليها في معظم سلوكياتها ومثلها ومبادئها. بل ر بما لا تريد التخلص من هذا التأثير الديني، وتسعى إلى تعميقه وترسخيه ما دام سيحقق تبعية ثقافية تقود إلى تبعيات أخرى.
وهذه الوسائل الإعلامية: المرئية، والمسموعة، والمقروءة كلها تشترك في دفع عجلة التنصير من خلال مسالك عدة:
أ ـ نشر العري والخلاعة وتهييج الشهوات بغية الوصول إلى انحلال المشاهدين: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} وكما قال سبحانه: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}.
ب ـ إشاعة مبدأ المساواة في المواطنة وأنهم والمسلمون إخوة، وذلك حتى يجدوا المجال مفتوحاً لبث ما يريدون من وسائل التنصير.
ج ـ العمل على انسلاخ المسلمين من دينهم،لأنهم بغير دين لا يساوون شيئاً. وفي المؤتمر التنصيري الذي عقد بجبل الزيتون في القدس في فلسطين المحتلة سنة 1346 هـ - 1927م، وحضرته أربعون دولة من الدول الغربية الصليبية، حيث قام أحد أقطاب هذا المؤتمر قائلا: " أتظنون أن غرض التنصير وسياسته إزاء الإسلام هو إخراج المسلمين من دينهم ليكونوا نصارى؟ إن كنتم تظنون هذا فقد جهلتم التنصير ومراميه. لقد برهن التاريخ من أبعد أزمنته على أن المسلم لا يمكن أن يكون نصرانياً مطلقاً، والتجارب دلتنا ودلت رجال السياسة النصرانية على استحالة ذلك، ولكن الغاية التي
¥