تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[هل الصلاة في البنطلون باطلة؟]

ـ[اسلام سلامة علي جابر]ــــــــ[16 - 01 - 10, 12:17 ص]ـ

هل الصلاة في البنطلون باطلة؟ لأنني سمعت من يقول ذلك، لأن البنطلون يحدد حجم العورة.

الحمد لله

أمر الله تعالى من أراد الصلاة أن يتخذ زينته، فقال: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) الأعراف/31.

فالمصلي مأمور بالتزين للصلاة، لا كما يفعله كثير من المسلمين – للأسف – يصلي بثياب النوم أو ثياب المهنة، ولا يتجمل للصلاة، فإن الله تعالى جميل يجب الجمال.

واعتبر العلماء أقل حد لأخذ الزينة هو ستر العورة، ولذلك نصوا على أن ستر العورة شرط من شروط صحة الصلاة، فلا تصح الصلاة مع كشف العورة.

ومقتضى قولهم: " ستر العورة " أن الواجب هو ستر العورة، وأنه مهما حصل الستر صحت الصلاة، ولو كان الثوب ضيقاً يحدد العورة.

وهذا ما نص عليه العلماء من المذاهب الفقهية المختلفة صراحةً. وها هي أقوالهم في ذلك:

أولا: المذهب الحنفي:

قال في "الدر المختار" (2/ 84): " ولا يضر التصاقه وتشكله " اهـ. يعني: الثوب الذي يلبسه في الصلاة.

قال ابن عابدين رحمه الله في حاشيته على "الدر المختار": " قوله: (ولا يضر التصاقه) أي: بالألية مثلا، وعبارة "شرح المنية": أما لو كان غليظا لا يرى منه لون البشرة إلا أنه التصق بالعضو وتشكل بشكله فصار شكل العضو مرئيا، فينبغي أن لا يمنع جواز الصلاة، لحصول الستر " انتهى كلام ابن عابدين.

ثانيا: المذهب الشافعي:

قال النووي رحمه الله في المجموع (3/ 176): " فلو ستر اللون ووصف حجم البشرة كالركبة والألية ونحوها صحت الصلاة فيه لوجود الستر، وحكي الدارمي وصاحب البيان وجهاً أنه لا يصح إذا وصف الحجم، وهو غلط ظاهر " انتهى كلام النووي.

ثالثاً: المذهب المالكي

قال في "الفواكه الدواني" (1/ 216):

" (وَيُجْزِئُ الرَّجُلَ الصَّلاةُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ) وَيُشْتَرَطُ فِيهِ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ كَوْنُهُ كَثِيفًا بِحَيْثُ لا يَصِفُ وَلا يَشِفُّ، وَإِلا كُرِهَ وَكَوْنُهُ سَاتِرًا لِجَمِيعِ جَسَدِهِ. فَإِنْ سَتَرَ الْعَوْرَةَ الْمُغَلَّظَةَ فَقَطْ أَوْ كَانَ مِمَّا يَصِفُ أَيْ يُحَدِّدُ الْعَوْرَةَ. . . كُرِهَتْ الصَّلاةُ فِيهِ مَعَ الإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ " انتهى باختصار.

فذكر كراهة الصلاة في الثوب الذي يحدد العورة، لا التحريم.

وذكر في "حاشية الدسوقي" أن الصلاة في الثوب الواصف للعورة المحدد لها صحيحة، ولكنها مكروهة كراهة تنزيهية، ويستحب له أن يعيد إذا كان الوقت باقياً.

وقال في "بلغة السالك" (1/ 283):

" ولا بد أن يكون الساتر كثيفا وهو ما لا يشف في بادئ الرأي , بأن لا يشف أصلا، أو يشف بعد إمعان النظر , فإن كان يشف في بادئ النظر , فإن وجوده كالعدم (يعني كأنه يصلي عرياناً، لعدم حصول الستر) وأما ما يشف بعد إمعان النظر فيعيد معه في الوقت كالواصف للعورة المحدد لها , لأن الصلاة به كراهة تنزيه على المعتمد " انتهى بتصرف.

رابعا: المذهب الحنبلي:

قال البهوتي رحمه الله في "الروض المربع" (1/ 494): " ولا يعتبر أن لا يصف حجم العضو، لأنه لا يمكن التحرز عنه " انتهى. قال ابن قاسم رحمه الله في حاشيته علي "الروض المربع" تعليقاً على قول البهوتي السابق: " وِفَاقاً " اهـ. يعني: للأئمة الثلاثة: وهم أبو حنيفة ومالك والشافعي رحمهم الله، أي أن مذهب الإمام أحمد في هذا موافق لمذاهب الأئمة الثلاثة.

وقال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (2/ 287): " وإن كان يستر لونها ويصف الخِلْقَة جازت الصلاة، لأن هذا لا يمكن التحرز منه " اهـ.

وقال المرداوي في "الإنصاف" (1/ 471):

" قال المجد ابن تيمية: يكره للمرأة الشد فوق ثيابها (بأن تلبس حزاماً أو نحوه فوق الثياب) , لئلا يحكي حجم أعضائها وبدنها. قال ابن تميم وغيره: ويكره للمرأة في الصلاة شد وسطها بمنديل ومِنْطَقة (حزام) ونحوهما " انتهى بتصرف.

وقال الشيخ سيد سابق رحمه الله في "فقه السنة" (1/ 97):

" الواجب من الثياب ما يستر العورة وإن كان الساتر ضيقا يحدد العورة " اهـ.

فهذه أقوال أهل العلم في الصلاة في الثوب الضيق الذي يحدد العورة، وهي صريحة في صحة الصلاة.

ولا يعني ذلك دعوة الناس إلى لبس الضيق من الثياب، بل اللباس الضيق لا ينبغي لبسه، ولا الصلاة به، لأنه ينافي الزينة المأمور بأخذها في الصلاة، إنما الكلام هنا هل تصح الصلاة به أم لا؟

وقد أفتى فضيلة الشيخ صالح الفوزان بصحة صلاة المرأة في الثوب الضيق الذي يحدد عورتها، مع حصول الإثم بلبس هذا الثوب.

فقال:

" الثياب الضيقة التي تصف أعضاء الجسم وتصف جسم المرأة وعجيزتها وتقاطيع أعضائها لا يجوز لبسها، والثياب الضيقة لا يجوز لبسها للرجال ولا للنساء، ولكن النساء أشدّ؛ لأن الفتنة بهن أشدّ.

أما الصلاة في حد ذاتها؛ إذا صلى الإنسان وعورته مستورة بهذا اللباس؛ فصلاته في حد ذاتها صحيحة؛ لوجود ستر العورة، لكن يأثم من صلى بلباس ضيق؛ لأنه قد يخل بشيء من شرائع الصلاة لضيق اللباس، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية: يكون مدعاة للافتتان وصرف الأنظار إليه، ولا سيما المرأة، فيجب عليها أن تستتر بثوب وافٍ واسعٍ؛ يسترها، ولا يصف شيئًا من أعضاء جسمها، ولا يلفت الأنظار إليها، ولا يكون ثوبًا خفيفًا أو شفافًا، وإنما يكون ثوبًا ساترًا يستر المرأة سترًا كاملاً " انتهى.

"المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان" (3/ 454).

وقد قال بعض العلماء في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم: "نساء كاسيات عاريات ": أنهن يلبسن الضيق من الثياب.

والله تعالى أعلم.

الإسلام سؤال وجواب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير