[حدود كذب الزوج على زوجته والعكس]
ـ[أحمد بن شبيب]ــــــــ[21 - 01 - 10, 01:54 ص]ـ
السؤال:
أعلم أن الكذب يجوز في ثلاث حالات: على الزوجة، وفي إصلاح ذات البين، وعلى العدو؛ أليس كذلك؟ وأيضا: ما هي حدود الكذب على الزوجة؟
الجواب:
الحمد لله
جاءت الرخصة في الكذب في ثلاثة مواضع، كما في الحديث الذي رواه الترمذي (1939) وأبو داود (4921) عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا يَحِلُّ الْكَذِبُ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ: يُحَدِّثُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ لِيُرْضِيَهَا، وَالْكَذِبُ فِي الْحَرْبِ، وَالْكَذِبُ لِيُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ). والحديث صححه الألباني في صحيح الترمذي.
وروى مسلم (2065) عن أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ رضي الله عنها، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: (لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ وَيَقُولُ خَيْرًا وَيَنْمِي خَيْرًا). قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَلَمْ أَسْمَعْ يُرَخَّصُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ كَذِبٌ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ: الْحَرْبُ، وَالْإِصْلَاحُ بَيْنَ النَّاسِ، وَحَدِيثُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَحَدِيثُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا.
والمقصود بالكذب بين الزوجين: الكذب في إظهار الود والمحبة لغرض دوام الألفة واستقرار الأسرة، كأن يقول لها: إنك غالية، أو لا أحد أحبّ إليّ منك، أو أنت أجمل النساء في عيني، ونحو ذلك، وليس المراد بالكذب ما يؤدي إلى أكل الحقوق، أو الفرار من الواجبات ونحو ذلك.
قال البغوي رحمه الله في "شرح السنة" (13/ 119): " قال أبو سليمان الخطابي: هذه أمور قد يضطر الإنسان فيها إلى زيادة القول، ومجاوزة الصدق طلباً للسلامة ورفعاً للضرر، وقد رخص في بعض الأحوال في اليسير من الفساد، لما يؤمل فيه من الصلاح، فالكذب في الإصلاح بين اثنين: هو أن يَنمي [أي: يبلغ] من أحدهما إلى صاحبه خيراً، ويبلغه جميلاً، وإن لم يكن سمعه منه، يريد بذلك الإصلاح. والكذب في الحرب: هو أن يظهر من نفسه قوة، ويتحدث بما يقوي أصحابه، ويكيد به عدوه، وقد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " الحرب خدعة ".
وأما كذب الرجل زوجته فهو أن يعدها ويمنيها، ويظهر لها من المحبة أكثر مما في نفسه، يستديم بذلك صحبتها، ويستصلح بها خلقها، والله أعلم.
وقال سفيان بن عيينة: لو أن رجلاً اعتذر إلى رجلٍ، فحرّف الكلام وحسنه ليرضيه بذلك، لم يكن كاذباً يتأول الحديث: " ليس بالكاذب من أصلح بين الناس " قال: فإصلاحه ما بينه وبين صاحبه أفضل من إصلاحه ما بين الناس.
وروي أن رجلاً قال في عهد عمر لامرأته: نشدتك بالله هل تحبيني؟ فقالت: أما إذا نشدتني بالله، فلا، فخرج حتى أتى عمر، فأرسل إليها، فقال: أنتِ التي تقولين لزوجك: لا أحبك؟ فقالت: يا أمير المؤمنين نشدني بالله، أفأكذب؟ قال: نعم فاكذبيه، ليس كل البيوت تبنى على الحب، ولكن الناس يتعاشرون بالإسلام والأحساب " انتهى.
وقال النووي رحمه الله في "شرح مسلم: " وَأَمَّا كَذِبه لِزَوْجَتِهِ وَكَذِبهَا لَهُ: فَالْمُرَاد بِهِ فِي إِظْهَار الْوُدّ، وَالْوَعْد بِمَا لَا يَلْزَم، وَنَحْو ذَلِكَ؛ فَأَمَّا الْمُخَادَعَة فِي مَنْع مَا عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهَا , أَوْ أَخْذ مَا لَيْسَ لَهُ أَوْ لَهَا: فَهُوَ حَرَام بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ. وَاَللَّه أَعْلَم " انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "الفتح": " وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِالْكَذِبِ فِي حَقّ الْمَرْأَة وَالرَّجُل إِنَّمَا هُوَ فِيمَا لَا يُسْقِط حَقًّا عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهَا أَوْ أَخْذ مَا لَيْسَ لَهُ أَوْ لَهَا " انتهى.
وقال الشّيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين (1/ 1790): "كذلك من المصلحة: حديث الرجل زوجته، وحديث المرأة زوجها فيما يوجب الألفة والمودّة، مثل أن يقول لها: أنت عندي غالية، وأنت أحبّ إليّ من سائر النساء، وما أشبه ذلك، وإن كان كاذبًا، لكن من أجل إلقاء المودّة، والمصلحة تقتضي هذا " انتهى.
والله أعلم.
سؤال وجواب ( http://www.islamqa.com/ar/ref/136367)
ـ[علي سلطان الجلابنة]ــــــــ[21 - 01 - 10, 11:06 ص]ـ
جميل ....
جزاك الله خيرا ...
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[21 - 01 - 10, 07:58 م]ـ
بارك الله فيك
وأستفدت أيضا
والكذب في الحرب: هو أن يظهر من نفسه قوة، ويتحدث بما يقوي أصحابه، ويكيد به عدوه
ـ[أحمد بن شبيب]ــــــــ[28 - 01 - 10, 07:09 ص]ـ
أكرمكم الله اخوتي الاحبة:
أبو أنس
أبو مالك.