[ثقافة الاعتذار]
ـ[بهاء الدين السماحي]ــــــــ[30 - 01 - 10, 12:03 م]ـ
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد
[ثقافة الاعتذار]
يظل الاعتراف بالذنب خلقاً نادراً في مجتمعاتنا وبالتالي لا يزال الاعتذار عن الخطأ صعباً ومستبعداً لاعتبارات وتقاليد نمطية متوارثة لم تتنور بما شاع من علم ودين، أو بما بدأ ينتشر من وعي في مجتمعنا.
فما زال المخطئ يخطئ ولا يعترف فضلا عن أن يعتذر يخطئ ويستكبر والعياذ بالله، في حين أن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أنس قال: (إياك وكل ما يُعتذر منه) يبين لنا فيه صلى الله عليه وسلم أنه ينبغي على المسلم أن يتجنب فعل الأمور التي يحتاج إلى الاعتذار بعد فعلها، وهي بلا شك أمور سيئة تجلب على صاحبها الذم، وكذلك فإن الأمور والأفعال الطيبة، لا يحتاج فاعلها إلى الاعتذار منها.
الاعتذار لغةً: هي كلمة تَدُلُّ عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَةِ وَمِنْهَا: الْعُذْرُ وَهُوَ محاولة الإِنْسَانِ إِصْلاَحَ مَا أنْكرهَ عَلَيْهِ الآخرون بِكَلاَمٍ أو بفعل أو بإشارة
واصطلاحًا: هو أن يظْهر الإِنْسَان النَدَمٍ وأن يتَحَرِّي شيئا مَا يَمْحُو به أَثَرَ ذَنْبِه.
أساليب الاعتذار:
قَالَ الفيروز أبادي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: الاعْتِذَارُ عَلَى ثَلاَثَةِ ضُْرُوبٍ: أَنْ يَقُولَ: لَمْ أَفْعَلْ، أَوْ يَقُولَ: فَعَلْتُ لأَجْلِ كَذَا فَيَذْكُرُ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مُذْنِبًا، وَالثَّالِثُ أَنْ يَقُولَ: فَعَلْتُ وَلاَ أَعُودُ، وَنَحْوُ هَذَا. وَهَذَا الثَّالِثُ هُوَ التَّوْبَةُ، وَكُلُّ تَوْبَةٍ عُذْرٌ.
الآيات الواردة في " الاعتذار"
1 - يقول الله تعالى قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ التوبة
2 - يقول الله تعالى في سورة التوبة في شأن الْخَوَالِفِ عن غزوة تبوك يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لاَ تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ
3 - يقول الله تعالى في سورة غافر يَوْمَ لاَ يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمْ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ
4 - يقول الله تعالى في سورة المرسلات هَذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ
الأحاديث الواردة في "الاعتذار"
1- وفي الحديث الصحيح من سنن النسائي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ أَسْلَمَ، ثُمَّ ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِالشِّرْكِ، ثَمَّ تَنَدَّمَ فَأَرْسَلَ إِلَى قَوْمِهِ: سَلُوا لِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم. هَلْ لِيَ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَجَاءَ قَوْمُهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: إِنَّ فُلاَنًا قَدْ نَدِمَ، وَإِنَّهُ أَمَرَنَا أَنْ نَسْأَلَكَ هَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَنَزَلَتْ: كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ إِلَى قَوْلِهِ: إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَأَسْلَمَ.
2- عَنْ أَنَسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: َقَالَ عَمِّي أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ: يَا رَسُولَ اللهِ، غِبْتُ عَنْ أَوَّلِ قِتَالٍ قَاتَلْتَ الْمُشْرِكِينَ، لَئِنِ أَشْهَدَنِي اللهُ قِتَالَ الْمُشْرِكِينَ لَيَرَيَنَّ اللهُ مَا أَصْنَعُ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، وَانْكَشَفَ الْمُسْلِمُونَ، قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلاَءِ، يَعْنِي أَصْحَابَهُ، وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلاَءِ، يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ
3- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله: إِيَّاكَ وَكُلَّ أَمْرٍ يُعْتَذَرُ مِنْهُ.
¥