تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[مالم يفرضه الفقيه؟؟]

ـ[نائف البضيعي]ــــــــ[31 - 01 - 10, 11:21 م]ـ

ما لم يَفْرِضْه الفقيه

بقلم - د. محمد موسى الشريف

قد كان من عادة بعض فقهائنا الأوائل - رحمهم الله تعالى- عند مناقشتهم مسائل فقه العبادات والمعاملات أن يتحدثوا عن مسائل لم تقع فيفرضون وقوعها، ومن ثم يضعون لها أحكاماً، وغالب هذه المسائل من البعد عن الواقع بمكان، ولقد نظرت في جملة من هذه المسائل وكنت أتعجب من هذه السعة في التناول لما لم يقع، وليس له نظير في زمانهم، وعجبت من هذا التعرض لما لم يقع وكنت أعده ترفاً فكرياً وتشعباً لا داعي له.

وعندما ننظر في أحوال زماننا هذا وتشابك وقائعه وما يستجد فيه من أحداث نعلم يقيناً أن فقهائنا الأوائل لم يكن يدور في أذهانهم أن هذا يمكن أن يقع، فلذلك لم يفرضوه في كتبهم ولم يرد في مخيلتهم وتصوراتهم على كثرة ما ورد فيها وأثبتوه في كتبهم، كما أسلفت.

ولقد نظرت في أحداث زماننا هذا فخرجت بطائفة منها لم ترد أحكام أمثالها في كتب فقهائنا الأوائل -فيما أعلم- فإليكموها:

1. لم يفرض فقيه -فيما أعلم- أنه سيأتي وقت على المسلمين يُحكمون فيه بغير كتاب الله تعالى وسنة رسوله "صلى الله عليه وسلم" ويستبدل بهما القوانين الإنجليزية والفرنسية وغيرها عن رضا وتسليم من حكام أكثر الدول العربية والإسلامية، وغاية ما صنع الفقهاء أنهم تحدثوا عن شريعة الياسق الذي فرضها المغول بحد السيف على المسلمين، لكن أن يرضى الحكام المسلمون بتحكيم غير كتاب الله طواعية وتنحيته هو والسنة المطهرة عن الحكم فهذا لم يخطر ببالهم فلم يفرضوه في كتبهم.

2. لم يَفْرض فقيه - فيما أعلم- أنه سيأتي يوم على المسلمين لا يستطيعون فيه الحفاظ على أحكام دينهم في كثير من البلاد العربية والإسلامية، وأنه مَن يكثر من المسلمين التردد على المساجد يصبح محل شبهة، وإذا أطلق أحدهم لحيته حُورب وإذا أراد المحافظة على دينه صار يوصف بالتشدد والتطرف.

3. لم يفرض فقيه -فيما أعلم- أن النساء المسلمات إذا أردن تعلم العلم النافع ولو كان شرعياً في الجامعات فإنهن لا يستطعن لبس حجابهن، وأنهن إذا أردن الجمع بين العلم والحجاب فلابد لهن من السفر خارج بلادهن، ولم يخطر ببال فقيه قط أن يكون مقصدهن بلاد الغرب الكافرة ليلبسن حجابهن فيها!! وهذا اليوم هو ما يجري في تركيا عاصمة الإسلام لخمسة قرون!!

4. لم يخطر ببال فقيه أنه يؤتى بالمرأة المسلمة الحامل وهي في الطَلْق على باب المستشفى فتخير بين دخول المستشفى بغير حجاب أو أنها تطرد عنها فلا تدخلها إذا أصرت على حجابها!! وهذا يحدث اليوم في تونس مثوى عقبة بن نافع فاتح أفريقيا!! وتمنع فيها النسوة المحجبات من الوظائف الحكومية ويضيق عليهن تضييقاً لم يحصل عشر معشاره في بلاد الكافرين!!!

5. لم يخطر ببال فقيه أن يطلب مسلم من كافر قصف بلاد المسلمين وقتل مَن فيها لأن حكاماً صالحين يحكمون ذلك البلد، وهذا حدث عندما طلب محمود عباس ومعه زمرة من أتباعه من اليهود مواصلة قصف قطاع غزة وعدم التوقف حتى تسقط حكومة حماس، وغاية ما سمعنا في التاريخ أن بعض حكام الأندلس كان يتفق مع بعض النصارى على تسليم البلاد والحصون خيانة، لكن لا يتفق معهم على قتل المسلمين وهدم ديارهم والتحريض على علمائهم ورموزهم كما يحصل الآن!!!

6. لم يخطر ببال فقيه أن تقوم حكومة مسلمة بحصار شعب مسلم نيابة عن عدوه، وأن تشدد عليه الحصار ببناء جدار فولاذي يسد عليه جميع المنافذ، فهذا ما لم نسمعه في سيرة الحكام الأوائل، فكيف يفرضه فقيه في كتابه؟!

وغاية ما سمعنا أن بعض خونة الحكام كانوا يسكتون عن حصار الصليبيين في الأندلس للمسلمين، لا أن يشاركوا بهذا الحصار ويجهدوا في ضبطه وتشديده وسد كل المنافذ البحرية والجوية والبرية على إخوانهم المسلمين!!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير