تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الدرر المختارة من مجموع الفتاوى]

ـ[ايهاب السلفى]ــــــــ[02 - 02 - 10, 08:59 ص]ـ

الحمد لله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وبعد ..

فإن من أعظم الطرق للاستفادة من الكتاب تلخيص أبوابه أو تقيد العناصر المهمة في كل مسألة, وذلك لتوفير وقت البحث عنها عند طلبها.

وقديم قيل: العلم صيد والكتابة قيده ... قيد صيودك بالحبال الواثقة

فمن الحماقة أن تصيد غزالة ... وتعيدها بين الخلائق طالقه

فربما يندم المرء على معلومة يعرفها ولكن يحتاج لتذكر تفاصيلها, ويحك رأسه معتصر ذهنه أين كانت وفي أي كتاب؟!؛ ولكن بهذه الطريق يسهل البحث عنها مع ما للكتابة نفسها والتقيد من نفع في تثبيت المسألة في الذهن.

وربما صار الأمر في النهاية إلى سفر عظيم النفع وما صيد الخاطر والفوائد إلا تجربة حية لهذه الطريقة.

كما نرجو بنشر هذه الفوائد والدرر تحصيل الأجر عند الديان ونفع الأخوان, ونسأل الله القبول والسداد.

كتابنا هو مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام سفر عظيم جزا الله صاحبه خيرا عن الإسلام والمسلمين, ننثر درره في آفاق السالكين لتضيء لهم الطريق.

قال شيخ الإسلام: وجعل أمته خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله, يوفون سبعين هم خيرها وأكرمها على الله. هو شهيد عليهم وهم شهداء على الناس في الدنيا والآخرة بما أسبغه عليهم من النعم الباطنة والظاهرة وعصمهم أن يجتمعوا على ضلالة إذ لم يبق بعده نبي يبين ما بدل من الرسالة.

قلت: هذا هو الدليل العقلي على عصمة الأمة بمجموعها, مبني على أصول وعمومات الشريعة, وقد اختلاف في رفع ووقف الحديث المشهور [لا تجتمع أمتي على ضلال].

ـ[ايهاب السلفى]ــــــــ[03 - 02 - 10, 02:17 ص]ـ

قال شيخ الإسلام: فنجد كثيرا من المتفقة والمتعبدة, إنما همته طهارة البدن فقط, ويزيد فيها على المشروع اهتماما وعملا. ويترك من طهارة القلب ما أمر به؛ إيجابا أو استحبابا ولا يفهم من الطهارة إلا ذلك. ونجد كثيرا من المتصوفة والمتفقرة, إنما همته طهارة القلب فقط؛ حتى يزيد فيها على المشروع اهتماما وعملا؛ ويترك من طهارة البدن ما أمر به إيجابا أو استحبابا.

فالأولون يخرجون إلى الوسوسة المذمومة في كثير ة صب الماء, وتنجيس ما ليس بنجس, واجتناب ما لا يشرع اجتنابه مع اشتمال قلوبهم على أنواع من الحسد والكبر والغل لإخوانهم, وفي ذلك مشابهة بينة لليهود.

والآخرون يخرجون إلى الغفلة المذمومة, فيبالغون في سلامة الباطن حتى يجعلون الجهل بما تجب معرفته من الشر-الذي يجب اتقاؤه- من سلامة الباطن, ولا يفرقون بين سلامة الباطن من إرادة الشر المنهي عنه, وبين سلامة القلب من معرفة الشر المعرفة المأمور بها ثم مع هذا الجهل والغفلة قد لا يجتنبون النجاسات, ويقيمون الطهارة الواجبة مضاهاة للنصارى.

ـ[ايهاب السلفى]ــــــــ[03 - 02 - 10, 07:58 م]ـ

قال شيخ الإسلام: واعلم أن هذا الوجه مبني على أصلين:-

أحدهما: على أن نفس الإيمان بالله وعبادته ومحبته وإجلاله هو غذاء الإنسان وقوته وصلاحه وقوامه كما عليه أهل الإيمان, وكما دل عليه القرآن؛ لا كما يقول من يعتقد من أهل الكلام ونحوهم: أن عبادته تكليف ومشقة. وخلاف مقصود القلب لمجرد الامتحان والاختبار؛ أو لأجل التعويض بالأجر كما يقول المعتزلة وغيرهم؛ فإنه وإن كان في الأعمال الصالحة ما هو على خلاف هوى النفس –والله سبحانه- يأجر العبد على الأعمال المأمور بها مع المشقة, كما قال تعالى: (ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأٌ ولا نصبٌ) [التوبة: 120] , وقال صلى الله عليه وسلم لعائشة: [أجرك على قدر نصبك] البخاري, فليس ذلك هو المقصود الأول بالأمر الشرعي, وإنما وقع ضمنا وتبعا لأسباب ليس هذا موضعها, وهذا يفسر في موضعه.

ولهذا لم يجئ في الكتاب والسنة وكلام السلف إطلاق القول على الإيمان والعمل الصالح أنه تكليفٌ كما يطلق ذلك كثير من المتكلمة والمتفقهة؛ وإنما جاء ذكر التكليف في موضع النفي؛ كقوله: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) [البقرة: 286] , (لا تُكلَف إلا نفسك) [النساء: 84] , (لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها) [الطلاق:7] , أي وإن وقع في الأمر تكليفٌ؛ فلا يكلف إلا قدر الوسع, لا أنه يسمي جميع الشريعة تكليفا, مع أن غالبها قرة العيون وسرور القلب؛ ولذات الأرواح وكمال النعيم, وذلك لإرادة وجه الله والإنابة إليه وذكره وتوجه الوجه إليه, فهو الإله الحق الذي تطمئن إليه القلوب, ولا يقوم غيره مقامه في ذلك أبدا. قال الله تعالى: (فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا) [مريم:65] , فهذا أصل.

الأصل الثاني: النعيم في الدار الآخرة أيضا مثل النظر إليه لا كما يزعم طائفة من أهل الكلام ونحوهم أنه لا نعيم ولا لذة إلا بالمخلوق: من المأكول والمشروب والمنكوح ونحو ذلك, بل اللذة والنعيم التام في حظهم من الخالق سبحانه وتعالى, كما في الدعاء المأثور: [اللهم إني أسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم, والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة] رواه النسائي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير