تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[هل النساء ناقصات عقل أم ليسوا كذلك؟!]

ـ[أبو تميم الدمشقي]ــــــــ[04 - 02 - 10, 07:20 م]ـ

بماذا أفتتح المقال؟ بذكر المثالب أم بإبداء المحاسن، فإنه لا شيء أصعب على الإنسان حينما يوكل إليه شيء أكثر من التفضيل، ولولا التفضيل لما عرِف الماء العذب من ماء البحر، ولما توضَّحَ الذهب من النخاس، ولما تميزت الفضة من الألمنيوم، ولولاه ما عرفنا الملح من السكر، والشمع من الدمع، والألماس من الزجاج، وهل يبق لنا شيء من القول إن فضَّل الله خلقاً على خلق؟ أم هل يبق لنا شيء من الرأي إن مدح نبيه e شيئاً وأبعد آخر؟

ما لي لا أبدأ الحديث عما عزمت الكلام عنه، هل أخشى الطعن (أبيت اللعن) ([1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn1))، أم أن سوء الظن موكل إلى الجهال؛ وأنا ممن لا يهاب من الجهالة إلا أن يقع فيها، دعونا من المقدمات المنمقات، وادخلوا معنا إلى باب النقد والبيان.

هل المرأة ناقصة عقل ودين؟ هل ستغضب مني نساء الحي إن بينت ما أعتقد في هذا، هل سُأرمى بالتزمت والرجعية إن وافقت ربي بكل ما يقوله؟ كيف هذا والتاريخ والواقع أكبر شاهد على هذا الحديث، ولا أعلم مؤرخاً ولا باحثاً ولا طالب علم متحرٍ يخالفني فيما أطرحه بعد في هذا المقال بين يديه، فلو سبر قارئ سير الأعلام من المسلمين لوجد أن الأئمة والعلماء والمجاهدين وأرباب التجارات والحرف وأهل الذكاء والفطنة من المخترعين جلهم من الرجال، وهذه كتب السيرة والتاريخ شاهدة على هذا، والمؤرخون أمناء منصفين فيما نقلوه لنا في كتب التاريخ والسير، فما ستروا عن امرأة لها نصيب من علم لم يتكلموا عنها أو أهملوها، فتجد أهل الرواية في الحديث قد بلغوا مئات الألوف، والنساء قاربن الألف، مع أن الرواية ليست موقوفة على إجهاد الجسد ولا حمل العبء، لكن الله علم أن الأمانة موكلة بالرجال لا تنهض بغيرهم؛ فجعل همَّ المرأة وغاية عملها خدمة الرجل لأنها خلقت من ضلعه، وجعل غاية الرجل وهمه عمارة الأرض وحمل أعباءها لأنه خلق من ترابها، وليس في هذا الكلام من الجور على المرأة كما يتصوره بعض المتسافهين، فإنني أسطر للناس ما أراه لا ما أتخيله، فهؤلاء هم الأنبياء لم يكن فيهن امرأة، وهؤلاء الملوك على مر الزمن لم يكن فيهن امرأة غير بلقيس، وهؤلاء الأئمة كلهم من الرجال، وهؤلاء العباد جلهم من الرجال، ولا يقولن قائل بأن المرأة رهنت بالبيت طيلة سنواتها فهي تقوم بأعبائه، وهذا ما صرفها عن طلب المعالي، فإن الرجل قد قلد في عاتقه خدمة البيت والناس والأمة، فقام بها وزيادة، والمرأة لا يضرها إن قصرت في عمل البيت، فالزوج سيغفر لها، أما إن قصر الرجل في إطعام أهله والكد لهم فمن سيغفر له إن فُتحت أفواههم إلى الهواء فلم تجد ما يدخل فيها؟ ومع ذلك فإننا رأينا علماء تجار، ورأينا من جمع بين خدمة بيته وعبادة ربه وطلبه للعلم ما ضرب فيه أروع الأمثلة على حفظ الوقت وإدارته والتقنين فيه، ولا يقولن قائل: إن التعنت هو الذي وضع المرأة في البيت حبيسة مما أدى إلى عقدة فيها جعلتها عضواً غير فعال في تلك الأيام الغوابر، فها هو الغرب؛ قد فتح الباب على مصراعيه في وجه المرأة، فعملت مع الرجل جنباً إلى جنب، وزاحمته في كده وعرق جبينه، فلم نسمع فيما سمعنا عن رؤساء أمريكا الذين بلغوا قرابة الخمسين رئيساً = رئيسة واحدة، بل لم نسمع عن امرأة أعمال واحدة زاحمت رجال الأعمال، أو عن مخترعة اخترعت الضوء أو الكهرباء، حتى إنك لو بحثت عن أشهر الطهاة في العالم لم تجد إلا رجالاً!! وهو العمل الذي أوكل للمرأة منذ بدء الخلق، فهل هذا لغز أم أنه الجبلة التي فطر الله المرأة عليها من نقص العقل؟

نعم، يعوزني أن أقول: بأنها برعت في شيء واحد حتى فاقت به الرجال في الغرب وكانت بسببه أُلْهِيَّةً بين أحضان الجناة، برعت في أن تكون مشيعة الخنا والفجور، وهذا هو نقصان الدين بعينه، فالرجل لا يُصرع بين أيدي الشهوة كما تُصرع المرأة، وإن كانا كلاهما يتسابقان – في الغرب – إلى أكبر قدر يحاولون أخذه من هذا الوباء، إلا أن الرجل إذا حكَّم عقله تغلب على عاطفته، بخلاف المرأة فالعاطفة تغلبها حتى تفوز عليها إلا برحمة من الله وعناية، ولقد ذكرني هذا الكلام ما قاله الشيخ أبو زهرة لإحدى النساء لما دخلت عليه بصورة الأسد المنقض – وكانت متبرجة – فقالت له: هل نحن ناقصات عقل ودين؟ انظر ماذا فعلنا في مصر من التقدم والرقي، ثم تأبون إلا أن تقولوا عنا بأنا ناقصات عقل ودين.

فأجابها الشيخ وهو يهزأ بها قائلاً: هذا الحديث قاله النبي e لنسائه ونساء الصحابة، قاله لعائشة وحفصة وزينب رضي الله عنهن، نعم هنَّ ناقصات عقل ودين، أما أنتن فلا عقل ولا دين.

([1]) "هي تحيّة الملوك في الجاهليّة، أي: لا فعلت ما تستوجب به اللعن" أساس البلاغة للزمخشري.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير