الموضع الثاني: غفلته عن مراد صاحب الموضوع وأن إيراده للفيزياء برمتها إنما هو على جهة الصنعة المقالية وليس غرضه القول بأن ابن القيم عالم فيزيائي مشتغل بالفيزياء فالدخول هاهنا بما فعله وليد يشبه أن يرى المرء من يلعب الكرة فيقول له وأنا أحسن قيادة السيارة.
وانا نبهت بقدر ذلك، ولم أتهجم على صاحب الموضوع ولا أدعيت انه بخطأه اللفظي أتى جرمًا ومنكرًا من القول وزورًا.
ا
لموضع الثالث: حكايته الإجماع على ذم الطبيعة القديمة وهذا كذب محض وعموم ذم الفلسفة لا يُستفاد منه إجماع على ذم الطبيعة؛لأن محل ذم الفلسفة هو المواطن التي يراد فيها للفلسفة أن تحل محل الوحي ومن المعلوم أن الأنبياء لم يرسلوا لتقرير الطبيعيات وإنما تأتي الطبيعيات في الوحي على جهة تنفع في الآخرة وليس لغرض تقريرها، ولذا كان موقف أهل السنة من الطبيعيات الفلسفية إما التقليل من فائدتها في الآخرة وهذا ليس ذماً وإما النص على باطلها وقبول حقها كغيرها من العلوم الدنيوية، فلا يُسحب الكلام عن عموم الفلسفة لمحل النزاع هاهنا .. ولذلك أشار شيخ الإسلام لصواب طبيعيات أرسطو وبغض النظر عن صحة هذه الطبيعيات فهذا النقل يدل على أن الموقف من الفلسفة غير الموقف من مباحث الطبيعيات ..
وهذا غلط، والطبيعيات مذمومة كما تقدم من كلامي ونقلي عن أهل العلم كالنووي وغيره وأن الطبيعي الذقائل لا إله إلا الله لا يكون بذلك داخلا في الإسلام حتى يتبرأ من الطبيعيات، وحسبك بهذا.
وقدماء الطبيعيين هم بين قائل بقدم العالم وبين دهري،،،
وأرسطو إلهي وليس بطبيعي كما هو مشهور.
الموضع الرابع: تخليطه بين الفلاسفة الطبائعيين وبين علم الطبيعة، فالطبائعيون هم الطبقة الأولى من الفلاسفة وسموا بذلك لعدم اشتغالهم بالإلهيات أو المعرفة أو الأخلاق إلى آخر المباحث الفلسفية،وقد أداه تخليطه هذا لسحب أقوال العلماء في الطبائعيين وجعله كلاماً عن علم الطبيعة.
ثم قد أدى تخليطه هذا إلى طعنه في دلالة نقل شيخ الإسلام بغير موجب، وقوله عن هذا النقل ما معناه أن شيخ الإسلام تكلم عن طبيعيات أرسطو وليس عن الطبائعيين، والحال أن محل النزاع هو علم الطبيعة فإذا ثبت أن منه حق يُقبل كما نص شيخ الإسلام انتفى الإجماع المكذوب على عموم الذم،فليس محل نزاعنا هو الطبائعيون وذمهم من عدمه، وقد أداه خلطه هذا إلى إدخال مقاصد الفلاسفة الطبائعيين، ومباحث حقيقة العالم وقدمه وحدوثه في محل البحث بينما محل النزاع ليس مقاصدهم ولا تصورهم عن العالم واسطقساته وإنما محل النزاع هل الطبيعيات حصل إجماع على عموم ذمها أم لا؟
فإذا ثبت أن من علماء المسلمين من قال إن منها باطل ومنها حق بقطع النظر عن فائدة هذا الحق وبقطع النظر عن كونه حق في نفس الأمر = بطل هذا الإجماع المكذوب الذي حكاه ..
والحق أن مشكلة الأخ وليد الرئيسية أنه يظن أنه قد دخل ملتقى فيه جماعة من العامة الذي يقابلهم في المسجد بعد صلاة العصر، ويظن أنه لا أحد قرأ في الفلسفة إلا هو،ويظن أن كل من يخالفه فهو غير محقق في الفلسفة، ويأمر كل من يخالفه أن ينصرف ليقرأ فيما يحسن ولا يتكلم معه لأنه إمام محقق ..
والحق: أن هذه مهلكة للعبد أي مهلكة،وهو سوء خلق عجيب لا يليق بمسلم فضلاً عن طالب علم ..
ومسألة السن لا يعول عليها عندي،لكن إذا انتفش المرء وتنفخ بالتيه كما يفعل وليد وجب أن يقال له أن بعض مخالفيك هنا قرأ في الفلسفة ودرس فيها وحضر وفاوض وناقش أساتذتها وأنت في الصف الثالث الابتدائي ..
فهون عليك وأقبل على مسائل العلم بنفس متجردة وقل القول ودلل عليه من غير تنفخ ولا تنفش،وكما قلتُ لك من قبل: إن بني عمك فيهم رماح ..
لم اخلط بينهما وأنا من الدراسين لطبيعتهم وعلى قدر من معرفة ذلك، ولم تأت ببينة على قولك وما أنا بتارك ما سطرته عن ظنونك.
وقولك بان بعضهم درس الفلسفة وأنا في الصف الثالث الابتدائي تخليط واعتماد على نقل عضو غير ثقة، فيكون رجمًا بالغيب.
وعلى فرض صحته فلا عالقة له بموضوعنا: فالدكتوراة والتقدم في السن لا علاقة له بسعة الاطلاع وإتقان العلم ....
ناهيك! عن كون صاحبك المشار إليه لم يقدم لنا دليلا واحدًا على كونه متقعدا مما نحن بصدده وكذلك لم نر له كتبًا ول امقالات تدل على ذلك ...
¥