وهذا إسناد صحيح، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى سمع من الجريري قبل أن يتغير، قال العجلي في تاريخ الثقات (ص: 181): وعبد الأعلى من أصحهم سماعاً، سمع منه قبل أن يختلط بثمان سنين. ا. هـ.
وأما رواية بشر بن المفضل عن الجريري فهي في الصحيحين، ولذلك قال ابن حجر في مقدمة الفتح (ص: 405): سمع منه قبل الاختلاط.
وأخرجه الحاكم (1/ 7) أخبرنا أحمد بن سهل الفقيه ثنا قيس بن أنيف ثنا قتيبة بن سعيد ثنا بشر عن الجريري عن عبد الله بن شقيق عن أبي هريرة قال: كان أصحاب .. ا. هـ وهذا خطأ والصواب بدون أبي هريرة؛ لأن الترمذي رواه عن قتيبة كذلك، والترمذي مقدم على قيس الذي خالفه، هذا مع الطرق الأخرى التي لم تذكر أبا هريرة.
وأخرجه الخلال في السنة (1378) من طريق ابن علية ثنا الجريري به، ولفظه: ما علمنا شيئاً من الأعمال قيل تركه كفر إلا الصلاة.
وأخرج محمد بن نصر في الصلاة (978) ثنا محمد بن يحيى ثنا أبو النعمان ثنا حماد بن زيد عن أيوب قال: ترك الصلاة كفر لا يختلف فيه.
وقال ابن نصر أيضاً (990): (سمعت إسحاق يقول: قد صح عن رسول الله r أن تارك الصلاة عمداً من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر) ا. هـ.
قلت: لعل إسحاق - وهو ابن راهويه - لم يعتد ببعض من خالف ممن أتى من بعد الصحابة، ولذلك قال تلميذه محمد بن نصر في الصلاة (ص: 925): (ثم ذكرنا الأخبار المروية عن النبي r في إكفار تاركها وإخراجه إياه من الملة، وإباحة قتال من امتنع من إقامتها، ثم جاءنا عن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ مثل ذلك ولم يجئنا عن أحد منهم خلاف ذلك ([1])، ثم اختلف أهل العلم بعد ذلك في تأويل ما روي عن النبي r ، ثم عن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ في إكفار تاركها وإيجاب القتل على من امتنع من إقامتها) ا. هـ.
وقال أبو محمَّد بن حزم: (وقد جاء عن عمر وعبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل وأبي هريرة وغيرهم من الصحابة _ رضي الله عنهم _ أن من ترك صلاة فرض واحدة متعمدا حتى يخرج وقتها فهو كافر مرتد، ولا نعلم لهؤلاء من الصحابة مخالفا) ا. هـ من «الترغيب» للمنذري (1/ 290) وينظر: الزواجر للهيتمي (1/ 298) فإنه أيضا قد نقل هذا عن أبي محمَّد بن حزم.
قلت: وقد روى عبد الله في «السنة»، وابن نصر في «الصلاة» و «الخلاف»، والخلال في «السنة»، والآجري في «الشريعة»، وابن بطة في «الإبانة»، عن جمع من الصحابة وغيرهم تكفير تارك الصلاة، وبعضهم أفرد باباً في كفر تاركها، وساق الأدلة على ذلك.
فصل
في ذكر الجواب عما احتج به على عدم كفر تارك الصلاة
وأما من استدل على عدم كفر تارك الصلاة بحديث عبادة بن الصامت t قال: سمعت رسول الله r يقول: «خمس صلوات كتبهن الله على العباد، فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه، وإن شاء أدخله الجنة».
ووجه الشاهد هو قوله: «ومن لم يأت بهن ... »، فلم يحكم بتعذيبه وخلوده في النار، وإنما جعله تحت المشيئة، وهذا يفيد أنه ليس بكافر، لأنه لو كان كافرا لما جعله تحت المشيئة.
ويجاب عن ذلك بما قاله محمَّد بن نصر في كتابه «الصلاة» (ص:968_971)، قال: (فإن قوله: «لم يأت بهن» إنما يقع معناه على أنه لم يأت بهن على الكمال، إنما أتى بهن ناقصات من حقوقهن نقصانا لا يبطلهن، ولم يقل ذلك ([2]).
قلنا: بل روينا من طرق عن عبادة t مفسرا ... ).
ثم ساق حديث عبادة من طريق محمَّد بن عمرو عن محمَّد بن يحيى بن حبان عن ابن محيريز عن المخدجي عن عبادة به، ولفظه: «من جاء بالصلوات الخمس قد أكملهن لم ينتقص من حقهن شيئا جاء له وعند الله عهد أن لا يعذبه، ومن جاء بهن وقد انتقص من حقهن شيئا جاء وليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه، وإن شاء رحمه».
ثم قال ابن نصر: (فأخبر أنه أتى بهن ناقصات من حقوقهن، وكذلك حدثنا محمَّد بن بشار ثنا ابن أبي عدي عن شعبة عن عبد ربه عن محمَّد بن يحيى بن حبان .... «ومن جاء بهن قد انتقص منهن شيئا استخفافا بحقهن لم يكن له عند الله عهد، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له».
¥