والله ـ جل وعلا ـ يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ والْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: 2] ويقول ـ تبارك وتعالى ـ: {إنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النور: 19]
والمعنى: يحبون أن تفشو الفاحشة وتنتشر (8).
والاحتفال بعيد الحب، كالاحتفال بغيره من أعياد الكفار، يربأ المسلم بنفسه أن يشهدها، والله ـ جل وعلا ـ وصف عباده المؤمنين بأنهم لا يشهدون أعياد الكفار.
قال ـ تعالى ـ: {وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} [الفرقان: 72]
والزور في قول غير واحد من التابعين وغيرهم: «أعياد المشركين» ذكره القرطبي (9)، والبغوي (10)، وابن كثير (11)، وابن تيمية (12)، وغيرهم.
وأما الإجماع على تحريم حضور أعياد الكفار أو تهنئتهم بها، فقد نقله غير واحد. قال ابن تيمية عن أعياد الكفار: «فإذا كان المسلمون قد اتفقوا على منعهم من إظهارها؛ فكيف يسوغ للمسلمين فعلها؟ أوَليس فعل المسلم لها أشد من فعل الكافر لها، مظهراً لها؟». (1)
وقال ابن القيم: «وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به، فحرام بالاتفاق؛ مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد، ونحوه؛ فهذا إن سلم قائله من الكفر، فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثماً عند الله، وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام، ونحوه ... » ا. هـ (2).
- وبناء على ما تقدم:
فإنَّ عيد الحب من جنس ما ذكر من الأعياد المبتدعة، بل هو بذاته عيد وثني نصراني، فلا يحل لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يفعله أو أن يقره أو أن يُهنّئ به، بل الواجب تركه واجتنابه، استجابة لله ولرسوله وبعداً عن أسباب سخط الله وعقوبته. قال ابن القيم عن التهنئة بأعياد الكفار: «وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قبح ما فَعَل؛ فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه» (3).
كما يحرم على المسلم الإعانة على هذا العيد أو غيره من الأعياد المحرمة، بأي شيء من أكل أو شرب أو بيع أو شراء أو صناعة أو هدية أو مراسلة أو إعلان أو غير ذلك؛ لأنَّ ذلك كله من الإثم والمجاوزة لحدود الله تعالى، والتعاون على الإثم والعدوان ومعصية الله والرسول (4).
قال ابن تيمية عن أعياد الكفار: «لا يحل للمسلمين أن يتشبهوا بهم في شيء مما يختصّ بأعيادهم، لا من طعام ولا لباس ولا اغتسال ولا إيقاد نيران ولا تبطيل عادة من معيشة أو عبادة أو غير ذلك. ولا يحل فعل وليمة ولا الإهداء ولا البيع بما يستعان به على ذلك لأجل ذلك، ولا تمكين الصبيان ونحوهم من اللعب الذي في الأعياد ولا إظهار الزينة. وبالجملة ليس لهم أن يخصوا أعيادهم بشيء من شعائرهم، بل يكون يوم عيدهم عند المسلمين كسائر الأيام» ا. هـ (5).
- كلمة أخيرة:
واجب الجميع التعاون على وأد هذه الظاهرة في مهدها؛ فالآباء والأمهات يضطلعون بمسؤولية عظيمة في تحذير أولادهم من المشاركة في هذا الاحتفال، ومنعهم من شراء بعض الألبسة أو الأحذية أو الورود ذات اللون الأحمر، إذا أراد لبسها والتزين بها، ابتهاجاً بالمناسبة، أو مسايرة للأصدقاء أو مجاملة لهم، أو مغايرة لهم.
وكذلك الأولاد، متى رأوا من والديهم شيئاً من ذلك، أشعروهم بحرمة هذا الاحتفال، وطلبوا منهم عدم المشاركة أو الإعانة.
وهكذا أصحاب المراكز التجارية، يضطلعون بمسؤولية كبيرة؛ فواجبهم عدم إصدار بطاقات خاصة أو شعارات تلائم المناسبة، أو استيراد وبيع ما هو من خصوصيات ذلك الاحتفال من حذاء أو قبعة أو نُصُب تذكاري أو ورود أو حلوى أو هدايا، ونحو ذلك.
¥