[الخطاب الدعوي يرتكز على الثواب والعقاب]
ـ[محمد جلال القصاص]ــــــــ[06 - 02 - 10, 11:46 م]ـ
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه: ـ
ينادي بعضهم بعدم مواجهة الكفار بالقول بأنهم في النار. وبيدي أربعة، ووقفن على طرف الخاطر يتصايحن يريدن المثول بين يديك أخي القارئ، وهاأنذا أدفع بهن:
الأولى: الدعوة الإسلامية هي دعوة إلى الله، تعرِّف الناس بربهم سبحانه وتعالى، ليقصدوه بالتعظيم، وليتبعوا شرعه، {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} الذاريات56، ومن ثم يفوزوا بما أعد الله لهم من نعيم في الدنيا والآخرة {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} النحل97.
وكذا (الآخر) فالنصرانية ـ على سبيل المثال ـ تدعو إلى ربها، يسوع المخلص، تدعو للفداء من أجل الصلب، ومن لم يقبل يسوع مخلصاً فهو في الجحيم (بحيرة الكبريت).
هم يفعلون ما يردده الدكتور الصيني، لا يتحدثون عن العقاب مباشرة، ولكنهم يؤمنون به، ومن ينكره منهم .. من ينكر أن الخلاص لا يطال غير المؤمنين بيسوع مخلصاً هو جاهلهم أو خبيثهم، أو قلة قليلة منزوية تتحدث بأن الخلاص يطال الجميع من آمنوا ومن لم يؤمنوا وهم قلة يتجمع حولها الكثرة يكذبونها ويردون قولها فلا نسمع لها ولا نحتج بها، بل إن بعضُهم يكفر بعضَهم، فكثير من طوائفهم لا تؤمن بخلاص الطوائف الأخرى.
فالمعتبرون منهم يقولون ـ بلسان حالهم أو مقالهم ـ أننا في الجحيم. وهم كاذبون. فهي جنة النعيم بحول الله وقوته وفضله ومنته.فلا داعي للخجل من أن نواجههم بما نعتقده فيهم فهم يعتقدون فينا مثل ما نعتقد فيهم.
وأعجب من هذا أنهم لا يصدقون تيك الأصوات (المسلمة) الناعمة التي تبشر الجميع بالخلاص، وتتحدث عن الثواب ولا تتحدث عن العقاب، فغاية ما تجد مثل هذه الأصوات عند القوم أن يقال إن في المسلمين (معتدلون) ثم يطلبون منك أن تستدير على (المتشددين) وتردهم، وبالتالي تكون قد تحولت إلى عراك داخلي مع قومك، وهذا ما جناه دعاة التوفيق بين الطوائف والملل المختلفة حقيقة. والمواجهة الفكرية الصريحة خير من هذا كله.
الثانية: الخطاب الشرعي يرتكز على الثواب والعقاب بشكل كبير جداً بل لو قلتُ كليةً لا أحسبُ أني مبالغ. والثواب والعقاب لازم من لوازم الإيمان بأسماء الله وصفاته (التوحيد العلمي الخبري).
ولا يتحدث القرآن عن جنةٍ ونار فقط، بل يعطي معرفة تفصيلية تطال العذاب بشكل تفصيلي تصويري .. وتصويري هذه مهمة جداً .. حتى أنك وأنت تقرأ القرآن كأنك في العذاب أو كأنك في النعيم، أو كأنك ترى مشهداً يؤثر في وجدانك بل وأركانك فتدمع منه العينين إن كان القلب حاضراً، انظر هذا: {يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ} التوبة35.
اقرأ ببطئ. كأنه يشوى .. ومن يشويه يوبخه.
وانظر هذا المشهد {إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً {12} وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُوراً {13}}.
والجنة كذلك، انظر لهذا المشهد البديع .. {هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِؤُونَ} يس56
ماذا يحدث؟!
ما حاول أن يقول العشماوي:
كأني بالوسائد والزرابي ... على سررٍ تمضح بالطيوبِ
وحور العين قد هيأن فيها ... مكاناً للحبيبة والحبيب.
التفصيل في الثواب والعقاب يدفع النفوس إلى ربها دفعاً، ويضبطها على صراط الله المستقيم. وهو نهج القرآن. والثالثة تزيد الأمر بياناً.
الثالثة: في القرآن الكريم كل انحراف سببه عدم حضور الثواب والعقاب عند المنحرفين، والعكس، فهناك ربط واضح بين مخالفة الشريعة الإسلامية كلياً بالكفر أو جزئياً بالمعصية ـ أعني بها ما دون الكفر ـ وبين إنكار اليوم الآخر أو الغفلة عنه وعن ما فيه من ثواب وعقاب، وهذه بعض الأمثلة.
¥