والمهتدون بهدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عموماً هم الذين يرجون الله واليوم الآخر {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} الأحزاب21
والذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم يستعينون بالصبر والصلاة ولا يكبر ذلك عليهم، {وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ. الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (البقرة: 45 ـ 46)
ومن يجاهد في سبيل الله هم الذين يريدون الآخرة ويدفعون الدنيا ثمناً لها: {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ} النساء74
ومثله: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} الممتحنة6
والأمثلة في السنة النبوية كثيرة منها ما جاء في الصحيحين عن أسامة بن زيد عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال:" يُؤْتَى بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُ بَطْنِهِ فَيَدُورُ بِهَا كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِالرَّحَى فَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ أَهْلُ النَّارِ فَيَقُولُونَ يَا فُلَانُ مَا لَكَ أَلَمْ تَكُنْ تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ فَيَقُولُ بَلَى قَدْ كُنْتُ آمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا آتِيهِ وَأَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ " [3]
يُخوِّفُ الله الآمرين ـ غيرهم ـ بالمعروف والناهين عن المنكر، وهم لاهون (من اللهو) بأنفسهم عن فعل ما يأمرون به وترك ما ينهون عنه، يخوفهم بما أعد الله لهم في الآخرة من عذاب.
ومن الأمثلة كذلك ما رواه مسلم في صحيحة عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رضي الله عنه ـ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ" [4]
فهنا أعمال (الإحسان في القول) و (إكرام الجار والضيف) تطلب بموجب الإيمان بالله واليوم الآخر.
وفي أحاديث الإسراء والمعراج أمثلة أخرى انظر ـ إن شئت ـ انظر مسند أحمد 13863، 20634.
الرابعة: وهو فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان يحدثهم (والله إنها لجنة أبداً أو نار أبداً) (إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد). يقول القرطبي: ({نَذِيرٌ} أي مخوف من عذابه وسطوته لمن عصاه. {وَبَشِيرٌ} بالرضوان والجنة لمن أطاعه)
ونهج الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أقوم وأسد، ونرى تصديق ذلك في حياة الناس.
محمد جلال القصاص