يَقُولُ: إِنَّمَا قَالَ هَذَا فِيمَنْ جَرَّ إِزَارَهُ خُيَلاءَ، وَأَنَا لا أَفْعَلُ خُيَلاءَ.
فَتَرَاهُ يُكَابِرُ، وَيُبَرِّئُ نَفْسَهُ الْحَمْقَاءَ، وَيَعْمَدُ إِلَى نَصٍّ مُسْتَقِلٍّ عَامٍّ، فَيَخُصُّهُ بِحَدِيثٍ آخَرَ مُسْتَقِلٍّ بِمَعْنَى الْخُيَلاءِ، وَيَتَرَخَّصُ بِقَوْلِ الصِّدِّيقِ: إِنَّهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَسْتَرْخِي إِزَارِي، فَقَالَ: " لَسْتَ يَا أَبَا بَكْرٍ مِمَّنْ يَفْعَلُهُ خُيَلاءَ ".
فَقُلْنَا: أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يَكُنْ يَشُدُّ إِزَارَهُ مَسْدُولا عَلَى كَعْبَيْهِ أَوَّلا، بَلْ كَانَ يَشُدُّهُ فَوْقَ الْكَعْبِ، ثُمَّ فِيمَا بَعْدَ يَسْتَرْخِي.
وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: " إِزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ، لا جُنَاحَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ ".) و أختم بحديث يدل على التفريق وهو ما رواه الامام احمد بسند حسن من حديث ابي سعيد 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ، وَلَا حَرَجَ، أَوْ لَا جُنَاحَ، فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ، مَا كَانَ أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ فَهُوَ فِي النَّارِ، وَ مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَرًا لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إِلَيْهِ , فهنا يتضح كل شيئ فهنا فرق - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بين مجرد الاسبال و بين الخيلاء فقال ما كان اسفل من الكعبين ففي النار , هذا حكم مستقل , ثم قال: و , و الواو هنا للتفريق فقال: و من جر ازاره بطراً لم ينظر الله إليه , و هذا هو الحكم الثاني , فهنا نسقط القاعدة الاصولية على هذا الكلام لدينا حكمان وهما: 1 - ما اسفل الكعبين من الازار ففي النار , 2 - و من جر ازاره بطرا لم ينظر الله إليه , و لدينا سبب واحد وهو الاسبال , فأقوا: إذا اختلف الحكم في مسألة (وهنا الحكم ليس واحد لكن اثنان) سواء اتحد السبب أم اختلف (وهنا السبب واحد) لا يحمل المطلق على المقيد , وهي الحال في هذه المسألة.
الخلاصة:
يحرم على المسلم اسبال ازاره وهو داخل في الوعيد لكنه أخف من الذي يجره بطراً فعدم نظر الله إليه أشد و أشد و أشد من مجرد الدخول إلى النار , و الله أعلم.
اعقب فقط على الجديد أما الباقي فقد أجبنا عليه، الجديد حديث العلاء و هذا تخريج موسع له:
مما تمسك به القائلون بالتفريق بين الحكمين حديث العلاء بن عبد الرحمن
عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، قال: سألت أبا سعيد الخدري عن الإزار، فقال: أنا أخبرك بعلم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" إزرة المسلم إلى نصف الساق ولا حرج أو لا جناح فيما بينه وبين الكعبين ما كان أسفل من الكعبين فهو في النار ومن جر إزاره بطرا لم ينظر الله إليه." (رياض الصالحين)
قالوا: ان هذا الحديث يشمل اربعة اقسام
1 - إزرة المسلم إلى نصف الساق
2 - ولا حرج أو لا جناح فيما بينه وبين الكعبين
3 - ما كان أسفل من الكعبين فهو في النار
4 - ومن جر إزاره بطرا لم ينظر الله إليه
فقالوا أن الواو حرف فصل فصلت بين حكمين.
و الجواب أن تقيسم الحديث لاربعة اقسام لم يقم عليه دليل بل هو خروج عن ظاهر الحديث من دون قرينة على اعتبار الواو "من قوله عليه الصلاة و السلام وَمَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَرًا لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إِلَيْه" حرف فصل, لكن الحديث له الفاظ عديدة و بناء حكم على حرف الواو من لفظ و ترك الفاظ اخرى ليس من المستساغ بل المفروض البحث عن أصح الروايات إن علمنا أن الراوي ليس بالمتقن و الضابط , فاختلاف الالفاظ في حديث العلاء مشهور و العلاء صدوق ربما وهم بل زيادة على ذلك اغلب الروايات جاءت من دون فصل بالواو قبل جملة الخيلاء.
الأرجح ان اختلاف الروايات و احرف العطف المثبتة و الغير مثبتة من العلاء و سابين اضطراب اثبات هذا الحرف "الواو" من خلال دراسة ما وقعت عليه من روايات مختلفة لهذا الحديث.
مدار هذا الحديث على العلاء بن عبد الرحمن و ابيه عن ابي سعيد الخدري و في بعضها عن ابي هريرة رضي الله عنهما:
¥