قال ابن القيم: " وصرح أصحابه العارفون بمذهبه بتحريمه، وأنكروا على من نسب إليه حِلَّهُ، كالقاضي أبي الطيب الطبري، والشيخ أبي إسحاق، وابن الصباغ (2) 0
وقال الإمام الشافعي رحمه الله في كتابه الأم: " الرجل يغني فيتخذ الغناء صناعة يأتي عليه ويأتي له، ويكون منسوبا إليه مشهورا به معروفا والمرأة 0 لاتجوز شهادة واحدة منهما، وذلك أنه من اللهو المكروه، الذي يشبه، وأن من صنع هذا كان منسوبا إلى السفة وسقاطه المروءة " (3) 0
وقال في المهذب: " ولا يجوز على المنافع المحرمة، لأنه محرم، فلا يجوز أخذ العوض عنه كالميتة والدم 0
(1) حكم الإسلام في الموسيقى والغناء: أبو بكر الجزائري، وانظر نيل الأوطار: 8/ 104 0
(2) رسالة في أحكام الغناء لابن القيم: ص 6 0
• قول الإمام أحمد رحمه الله:
قال عبدالله ابنه: " سألت أبي عن الغناء؟ فقال: الغناء يُنْبِتُ النفاق في القلب لايعجبني، ثم ذكر قول مالك: إنما يفعله عندنا الفساق " 0
وقال عبدالله، وسمعت أبي يقول: سمعت يحيى القطان يقول: لو أن رجلاً عمل بكل رخصة يقول أهل الكوفة في النبيذ، وأهل المدينة في السماع، وأهل مكة في المتعة، لكان فاسقاً 0
قال ابن قدامة المقدسي في المقنع: " فلا تقبل شهادة المصافح والمتمسخر والمغني والرقاص واللآعب الشطرنج والزد والحمام " (1) 0
ونص على كسر آلات اللهو كالطنبور وغيره، إذا رآها مكشوفة، وأمكنه كسرها 000 " (2) 0
• مسألة الإجماع في تحريم الغناء:
حكى أبو عمرو بن الصلاح: الإجماع على تحريم السماع الذي جمع الدُّفَّ والشَّبَابة، فقال في فتاويه:
" وأما إباحة هذا السماع وتحليله، فليعلم أن الدُّفَّ والشبابة إذا إجتمعت (فاستماع) ذلك حرام، عند أئمة المذاهب وغيرهم من علماء المسلمين، ولم يثبت عن أحد ممن يُعْتَدَّ بقوله في الإجماع واإختلاف ـ أنه أباح هذا السماع 0 والخلاف المنقول عن بعض أصحاب الشافعي إنما نُقِل في الشبابة منفردة، والدُّفَّ منفرداً، فمن لايحصل، أولا يتأمل، ربما اعتقد خلافاً بين الشافعيين في هذا السماع الجامع هذه الملاهي، وذلك وهم بيِّن من الصائر إليه، تنادي عليه أدلة الشرع والعقل، مع أنه ليس كلَّ خلاف يُستروح إليه، ويعتمد عليه ومن تتبع
(1) كتاب تحريم الزد والشطرنج والملاهي للآجري، حققه وعمر غرامة العمودي 0
(2) رسالة في أحكام الغناء 0
ما اختلف فيه العلماء وأخذ بالرُّخص من أقاويلهم، تزندق أوكاد000" (1) 0
ونقل ابن حجر الهيثمي الإجماع على حرمة المعازف، وقال: " ومنحكى فيها خلافاً فقد غلط أو غلب عليه هواه حتى أصمَّه وأعماه " (2) 0
وقد حكى الإجماع كذلك أبو بكر الآجري (3) وغيره 0
• حكم الغناء بدون آلة اللهو، وتحقيق مسألة مايسمى بالنشيد الإسلامي:
من اللآئق أننذكر أنواع الغناء التي كانت موجودة في الجاهلية وبعدها، وما أحدثه الناس بعد ذلك، وتصويرها، إذ أن الغناء المجرد عن المعازف أنواع يحتاج إلى تفصيل وتدقيق، وقد رأيت مِنْ مَنْ كتب في المسألة خلط بما هو جائز وممنوع، وقدر ذكرنا في مقدمة هذا البحث نقلاً عن شيخ الإسلام (4) في أنه ينبغي أن ينظر في ماهية الشيء، ثم يطلق عليه التحريم أو الكراهة، وإلا أشكل عليه أمر الغناء، ولم يوفق في بيان حكم الشرع فيه 0
الغناء ليس نوعاً واحداً، بل أنواع مختلفة ومتباينة بحسب المقصد والطريقة، وإن كان معنى الغناء هو رفع الصوت وموالاته عند العرب، إلا أنه أخذ أشكالاً عديدة، وأنواعاً كثيرة بعد ذلك 0
(1) إغاثة اللهفان لابن القيم: ص 350 0
(2) كف الرعاع: ص 124 0
(3) نقلا عن نزهة الإجماع في مسألة السماع، لابن رجب الحنبلي: ص 25 0
وانظر: حاشية الدسوقي: 2/ 339، وحاشية ابنعابدين: 5/ 253، وأسنى المطالب: 4/ 345، وإحياء علوم الدين: 2/ 282 0
(4) أصل الكلام لابن الجوزي في كتابه تلبيس إبليس: ص 237 ـ 241 0
من بينها:
أولا: الحداء: قال الجوهري (1) " الحَدْوُ: سوق الإبل، والغناء لها 0
وفي معناه أشعار الحداء في طريق مكة كقول قائلهم:
بشرها دليلُها وقالا غداً تَرَين الطلح والجبالا
وهذا لاخلاف بين العلماء في إباحته، كما حكى الحافظ ابن عبدالبر وغيره 0
¥